مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024، تزداد مشاركة الجالية المسلمة الأمريكية كقوة انتخابية معتبرة يمكن أن تلعب دورًا هامًا في حسم السباق الرئاسي، خاصة في الولايات المتأرجحة. ومع تصاعد المشاعر المختلطة بين الجالية حول السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ولا سيما موقفها من الصراع في غزة ودعمها لإسرائيل، تشير التقارير إلى أن الناخبين المسلمين قد يكون لهم دور فعّال في تحديد نتائج الانتخابات.
حملات تعبئة مكثفة للجالية المسلمة في أمريكا
أطلقت كبرى المنظمات الإسلامية الأمريكية، مثل مجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية (CAIR)، حملة واسعة لتشجيع الناخبين المسلمين على التصويت يوم الانتخابات. وقد أرسل المجلس أكثر من 600,000 رسالة نصية للناخبين المسلمين، محثًا إياهم على التوجه إلى مراكز الاقتراع. وتركز الحملة على الولايات المتأرجحة مثل ميشيغان وبنسلفانيا وأوهايو، حيث يمكن أن تحدث أصوات المسلمين فرقًا ملموسًا في النتائج النهائية.
ورغم أن مجلس العلاقات الإسلامية لم يقدم دعمًا لأي مرشح في إطار كونه منظمة غير ربحية، دعا المدير التنفيذي للمجلس، نهاد عوض، إلى زيادة نسبة المشاركة. وصرح قائلاً: "يجب أن تكون نسبة المشاركة من مجتمعنا أعلى من ذلك بكثير"، موضحًا أن التصويت هو خطوة أساسية نحو إظهار القوة السياسية للجالية المسلمة.
أصداء سياسية على خلفية الصراع في غزة
أشار نهاد عوض في تصريحه إلى الإحباط السائد بين العديد من المسلمين الأمريكيين تجاه الموقف الأمريكي من الصراع في غزة ودعم إسرائيل. وأوضح أن "الكثيرين يشعرون بخيبة أمل وإحباط جراء ما يرونه دعمًا أمريكيًا لما يعتبرونه إبادة جماعية يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة".
مع ذلك، أكد عوض أن العزوف عن التصويت لن يؤدي إلى تحقيق أي تغيير إيجابي، بل سيؤدي إلى تهميش القضايا التي تخص الجالية المسلمة. وقال: "إن الجلوس على هامش الانتخابات لن يساعد أهل غزة أو القضايا العربية والإسلامية الأخرى. المسؤولون يأخذون الجاليات على محمل الجد عندما يشاركون بفعالية في العملية السياسية".
الولايات المتأرجحة: مفتاح حسم الانتخابات وتأثير الجالية المسلمة
تعتبر العديد من الولايات التي يتركز فيها عدد كبير من الناخبين المسلمين ولايات متأرجحة حاسمة، مثل ميشيغان وبنسلفانيا. وتشير إحصائيات إلى أن المشاركة المتزايدة للجالية المسلمة في هذه الولايات قد تغير معادلة السباق الانتخابي، خصوصًا مع ارتفاع نسبة المشاركة العامة فيها. وقد شهدت انتخابات 2020 تأثيرًا ملموسًا للجالية المسلمة في بعض الولايات المتأرجحة، حيث استطاعت أن تساهم في ميلان الكفة لصالح المرشح الديمقراطي جو بايدن.
ويرى المحللون أن تصويت الجالية المسلمة في هذه الولايات قد يكون حاسمًا، خاصة وأن المسلمين الأمريكيين أصبحوا أكثر نشاطًا سياسيًا في السنوات الأخيرة، مع وعيهم المتزايد بأهمية المشاركة السياسية وتأثيرها على صناعة القرار.
دور التصويت في بناء القوة السياسية للجالية
مع تزايد وعي الجالية المسلمة بأهمية التصويت، بدأت بعض الأصوات داخل المجتمع تدعو إلى استثمار القوة الانتخابية المتزايدة للجالية بشكل أفضل. ويشير النشطاء إلى أن التصويت بكثافة يمكن أن يعزز من تأثير المسلمين الأمريكيين في المناقشات السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة، ويساعد في دفع السياسيين إلى أخذ قضاياهم بجدية أكبر.
ويشدد عوض على أن المشاركة الكثيفة ليست مجرد واجب وطني، بل هي فرصة لإبراز الحضور الإسلامي في المجتمع الأمريكي. ويقول عوض: "علينا أن نثبت أن أصواتنا لا يمكن تجاهلها، سواء في الانتخابات أو في التحديات التي نواجهها كمجتمع".
مستقبل التأثير الإسلامي في السياسة الأمريكية
بالإضافة إلى التحديات الحالية، يتطلع المسلمون الأمريكيون إلى استخدام هذه الانتخابات كفرصة لتعزيز حضورهم في الساحة السياسية الأمريكية على المدى الطويل. ويعتبر الخبراء أن المشاركة السياسية الفعالة قد تتيح للمسلمين الأمريكيين بناء شبكة من الحلفاء داخل الحكومة الأمريكية وخارجها، وتطوير وسائل ضغط تؤثر في السياسات العامة، سواء على الصعيد المحلي أو الدولي.
وبالنظر إلى التجارب السابقة، يعتبر العام الحالي فرصة للجالية المسلمة لإظهار حضور قوي في صناديق الاقتراع، وتقديم مثال واضح على كيفية تحقيق تأثير مستدام عبر العملية السياسية.
أصوات الجالية المسلمة الأمريكية قوة مؤثرة في انتخابات 2024
تمثل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 فرصة هامة للجالية المسلمة للتعبير عن رؤيتها وتوجهاتها، وللتأكيد على مكانتها كجزء أساسي من المجتمع الأمريكي. ويرى المحللون أن حجم المشاركة في التصويت، خاصة في الولايات المتأرجحة، قد يكون له تأثير كبير على السياسة الأمريكية مستقبلاً، حيث تبرز الجالية المسلمة كقوة انتخابية صاعدة تسعى إلى الاستفادة من حضورها السياسي في الساحة الأمريكية بشكل أكثر فعالية.
