«ثلاثاء الحسم».. الرئيس المقبل.. والسياسات الأمريكية تجاه الشركاء الدوليين

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

المنافسة على أشدها على مقعد الرئاسة في البيت الأبيض مع حلول «ثلاثاء الحسم»، خاصةً بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي أن المرشحين، الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطية كامالا هاريس، متعادلان مما يعكس أنها الانتخابات الرئاسية الأكثر تنافسية في التاريخ الحديث. لذلك بذل المرشحان جهوداً مكثفة في الساعات الأخيرة قبل إغلاق الحملات الانتخابية لكسب أصوات الناخبين في الولايات المتأرجحة الرئيسية. 

ركز المرشحان على القضايا الداخلية الأكثر إثارة للجدل، حيث حذرت هاريس مؤيديها من أن حقوق الإجهاض معرضة للتهديد لو فاز ترامب في محاولة لاستمالة المزيد من أصوات النساء التي تميل إليها بشكل طفيف، وفقاً لما ذكره سبنسر كيمبال، من مركز استطلاعات الرأي في كلية إيمرسون. في المقابل، تعهد ترامب بتضييق الهجرة ومراقبة الحدود. وحاول توظيف تأثير التوترات في الشرق الأوسط على مشاعر هؤلاء الناخبين العرب، منهم 400 ألف عربي في ميشيجان، متعهداً بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان. ونظراً لأن ولاية ميشيجان تضم 15 مقعداً من إجمالي المجمع الانتخابي البالغ 538 صوتاً، فمن المتوقع أن تكون إحدى أهم الولايات التي تساهم في ترجيح كفة ترامب أو هاريس.

وإذا كان الانقسام في الداخل الأمريكي حول أي المرشحين أفضل يجعل الموقف غير محسوم حتى اليوم الخامس من نوفمبر، موعد الانتخابات الرئاسية، فإن الانقسام مماثل أيضاً بين الدول التي تتأثر علاقاتها بالسياسة الخارجية الأمريكية. وتقف في معسكر هاريس غالبية دول الاتحاد الأوروبي، وبريطانيا، وكندا واليابان والبرازيل. أما معسكر ترامب فيضم دولاً فى أفريقيا وأمريكا الجنوبية، إضافة إلى روسيا والصين. والمفارقة هنا التقاء رغبة هذه الدول مع موقف حكومة نتنياهو تجاه ترامب والتي تثمن إقدامه على نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة في مسعى لتغيير الحقيقة التاريخية، بينما تنظر لهاريس بريبة لأنها كانت أكثر انتقاداً للاعتداءات الإسرائيلية على غزة ولبنان كما تجنبت حضور خطاب نتنياهو الأخير أمام الكونجرس. 

وحتى الإجماع الأوروبي المناهض لترامب خرج عنه البعض؛ هذه جورجيا ميلوني رئيسة الوزراء الإيطالية تميل لسياسات المرشح الجمهوري، وتبدي استعدادها للتوسط بين الاتحاد الأوروبي وترامب إذا فاز الأخير بكرسي الرئاسة. كما تتطلع بعض الأحزاب الشعبوية واليمينية، مثل التجمع الوطني في فرنسا وحزب البديل من أجل ألمانيا، إلى دخول ترامب البيت الأبيض. وتخشى الأحزاب الليبرالية في المقابل أن تتعرض لخطر وقوع أوروبا في فخ بين الولايات المتحدة وروسيا واليمين المتطرف في حال فوز ترامب بالرئاسة. 

أما بالنسبة للهند فهناك حرص على بناء علاقة قوية مع الحزبين الجمهوري والديمقراطي؛ وقعت حكومة مودي اتفاقيات مهمة مع إدارة بايدن، لكنها ترى أن الديمقراطيين يميلون إلى الضغط على الهند بشأن حقوق الأقليات وحماية الديمقراطية، ناهيك عن المخاوف الهندية من التدخل الأمريكي مؤخراً لإحداث «تغيير» في نظام بنجلاديش خشية أن يجلب الإسلاميين إلى السلطة. بالتالي، قد يشعر رئيس الوزراء الهندي - وباعتباره زعيماً قومياً عرقيا- براحة أكبر تجاه ترامب.

أما في شرق آسيا فتتعاظم مخاوف حلفاء أمريكا من احتمال فوز ترامب، خاصةً بعد أن بنى فريق بايدن نظام التحالف الأمريكي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كردع للقوة الصينية. وقد ضاعفت تصريحات ترامب من قلق حلفاء الولايات المتحدة الرئيسيين، مثل اليابان وكوريا الجنوبية، عندما وصفهما بـ«متطفلين»، كما عبّر ضمنياً عن عدم اهتمامه بالدفاع عن تايوان. وكان وقع تلك التصريحات بمثابة الموسيقى في آذان القيادة الصينية، التي ترغب أن ترى تايوان مهجورة مع تدمير نظام التحالف الأمريكي في آسيا. لكن ترامب وعد في المقابل أيضًا بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 60% على الواردات الصينية التي تعد الولايات المتحدة أكبر سوق لها.. ترامب من جهة ثانية محاط بصقور مناهضين للصين مثل مايك بومبيو، وزير خارجيته السابق. وإذا أُطلِق العنان للصقور، فقد تصبح السياسة الأمريكية تجاه الصين أكثر عدوانية. 

رغم تلك التباينات، يبقى مع ذلك السؤال قائماً لدى الحكومات والشعوب العربية حول مدى تغير الموقف الأمريكي واستراتيجيته في حال فوز أيّ من المرشحين، خاصةً تجاه الصراع العربي الإسرائيلي من خلال حل الدولتين وإرساء السلام العادل، في ضوء تشابه أهداف الإدارات الأمريكية في الشرق الأوسط وحرصها على الدفاع عن الأحادية القطبية والانحياز للكيان المحتل. ولقد كشفت الحرب الضروس على غزة عن قيم مزيفة يتبجح بها البيت الأبيض؛ فلا عين رأت الدمار الشامل ولا أذن سمعت صراخ الأجنة في بطن أمهاتها ولا لسان نطق بالحق عن إبادة الفلسطينيين والعاملين في وكالات الإغاثة. ويتفق العديد من المراقبين حول أن الرئيسين المحتملين وجهان لعملة واحدة، لا تختلف مواقفهما إلا في طرق تنفيذ الأهداف والأولويات الثابتة مهما كانت هوية الرئيس. ومن المرجح أن يبقى الخطر الاقتصادي والسياسي الصيني في مقدمة أولويات واشنطن، إضافة للتحديات المستمرة مع روسيا وعلاقة الأخيرة مع الصين في الحرب الأوكرانية، وكذلك التحديات مع النظام الإيراني والتعامل مع الملف النووي سعياً لإفشال أهداف روسيا والصين حليفي طهران. 

مع ذلك، يظل العرب والمسلمون داخل أمريكا وخارجها يتشبثون بالأمل في التغيير وإن كان ضعيفاً؛ فهم يدركون أن الولايات المتحدة المهزومة في أوكرانيا والخائفة في تايوان وغير المرغوب فيها في البلاد العربية وأجزاء من أوروبا وأفريقيا قد تنقذها سياسات الرئيس المقبل. 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق حبس المتهم بقتل زميله داخل مدرسة ببورسعيد 4 أيام على ذمة التحقيق
التالى سعر الذهب الأن في محلات الصاغة بمصر