تنطلق فعاليات النسخة الثانية عشرة من المنتدى الحضرى العالمى، صباح الإثنين، داخل مركز «المنارة» للمؤتمرات الدولية فى القاهرة، بمشاركة ٣٥ ألف مسئول وعارض ومهتم بقضايا التحضر من ١٨٥ دولة. المنتدى الدولى الذى تستضيفه مصر، ويعود إلى إفريقيا بعد ٢٠ عامًا، منذ النسخة الأولى التى عُقدت فى العاصمة الكينية نيروبى، يشرف عليه برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «الهابيتات»، وتُعقد نسخته الحالية بعنوان: «كل شىء يبدأ محليًا.. لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة». فى السطور التالية، تحاور «الدستور» السفير عاطف سالم، المنسق العام للمنتدى الحضرى العالمى، حول أهمية هذا الحدث العالمى، وكيف استعدت أجهزة الدولة المختلفة لاستضافته، وأهم ما يتضمنه من فعاليات، وأعداد المسجلين للمشاركة، وغيرها من التفاصيل الأخرى.
■ متى بدأتم الاستعداد لاستضافة المنتدى الحضرى العالمى؟
- بدأنا الاستعدادات مبكرًا، منذ مايو من العام الماضى على وجه التحديد، لأننا نعى جيدًا حجم الحدث، ومدى اهتمام الدول بقضايا التحضر، لذا انتبهنا مبكرًا للمنتدى العالمى، وعملنا فى نسق واحد لإنجاحه، حكومة ومؤسسات مجتمع مدنى.
وبالنسبة للعمل الحكومى تحديدًا، شُكلت لجنة عليا برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، ضمت مجموعة من اللجان الفرعية المختلفة، بجانب عدد من الوزارات منها «التنمية المحلية» و«الإسكان» و«الدفاع» و«الداخلية» و«الخارجية» و«الهجرة و«الشباب والرياضة»، بجانب التحالف الوطنى للعمل الأهلى التنموى، وتم توزيع الأدوار وفق التخصص لضمان تنفيذ المهمة على أكمل وجه.
■ كيف راعيتم الأهمية الكبيرة للمنتدى خلال هذه الجهود والاستعدادات؟
- المنتدى الحضرى العالمى يعتبر ثانى أهم فعالية على أجندة الأمم المتحدة، مع اهتمامه الخاص بقضايا التحضر العالمى، لذا يمثل مهمة شاقة بطبيعة الحال، لكن نحن على قدرها، فكثفنا اجتماعاتنا بشكل دورى، وكانت هناك تقارير تُعرض على رئيس مجلس الوزراء للمتابعة الدورية، تفاديًا لأى عقبات أو أزمات.
■ ما أجندة الحكومة التى ستطرحها على ضيوف المنتدى للمناقشة؟
- الحكومة لديها من التجارب ما تفخر به، ويمكن عرضه على ضيوف المنتدى الحضرى العالمى، فلدينا ملفات كثيرة نجحت فيها الحكومة خلال الـ١٠ سنوات الماضية، منها مثلًا ملف العشوائيات، الذى قطعت فيه الدولة شوطًا كبيرًا فى التحول من المساكن الخطرة إلى الأكثر أمانًا، بجانب القفزة العمرانية التى توسعت فيها مصر لتنتج المدن الذكية، فضلًا عن الدور الكبير فى تطوير مدن ومناطق مثل «الفسطاط» و«المنطقة الخديوية».
■ ماذا عن الجناح المصرى الذى سيُقام على هامش المنتدى؟
- مصر تشارك بقوة كبيرة فى المنتدى، ليس فقط باعتبارها الدولة المنظمة، وإنما من منطلق تحمل المسئولية تجاه دول العالم المهتم بقضايا التحضر، وامتلاكها من التجارب ما تستطيع أن تقدمه كمنحة للعالم يستفيد منها فى قضايا التحضر العالمية. والجناح المصرى يشتمل على كل التجارب والملفات والمشروعات التى نفذتها الحكومة خلال السنوات الماضية، ليعد بمثابة «منتدى داخل المنتدى».
وبالنسبة للأعداد المشاركة فى المنتدى وفقًا لآخر إحصائيات فقد سجل لدينا قرابة ٣٥ ألف مشارك حتى الآن، جميعهم مهتم بقضايا التحضر المجتمعى. تأكد حضور عدد من رؤساء الدول والمسئولين الدوليين، وحوالى ١٠٣ وزراء و٣٦ نواب وزراء و٣٠٠ محافظ. كما يوجد نحو ١١٥ عارضًا فى المعرض الذى يُقام خلال المنتدى، بالإضافة إلى حوالى ٩٠٠ متطوع يشاركون فى التنظيم.
■ ما الجديد فى نسخة القاهرة ويختلف عن النسخ السابقة الـ١١؟
- المنتدى الحضرى العالمى الـ١٢ فى القاهرة هو نسخة فريدة من نوعها، فلأول مرة يعقد فى مدينة يزيد عدد سكانها على ٢٠ مليون نسمة، مقارنة بالنسخ السابقة التى أقيمت فى مدن صغيرة أقل عددًا من حيث السكان. لأول مرة أيضًا يُقام المنتدى الحضرى العالمى على أرض ذات حضارة عريقة وأصول تاريخية ممتدة بمعالمها المختلفة، بجانب الأعداد التى سجلت حضورًا حتى الآن، فلم يحدث أن شاركت تلك الأعداد فى أى نسخة سابقة. كما أنه سيكون من الصعب مستقبلًا أن يسجل المنتدى الأعداد التى سجلتها نسخة القاهرة هذا العام.
■ بمَ تفسر موافقة الأمم المتحدة على استضافة القاهرة هذا الحدث العالمى؟
- الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «هابيتات» لا تعرف المجاملة، فهى منظمة تهتم بقضايا التحضر، ولا تجامل فى اختياراتها. لذا اختيارها القاهرة جاء بسبب تطورها فى الفترة الماضية، وما واجهته من عوامل تنموية انعكست بشكل كبير على التحضر فى مصر كلها.
فالقضاء على المناطق العشوائية، والتحضر للأخضر، ومحاربة السحابة السوداء، والبنية التحتية التى حدَّثتها مصر، جميعها زاد من أرصدة القاهرة لتحظى بموافقة الأمم المتحدة على طلبها لاستضافة المنتدى الحضرى العالمى فى نسخته الـ١٢. وموافقة الأمم المتحدة على استضافة مصر أهم منتديين على أجندتها، قمة المناخ والمنتدى الحضرى العالمى، تعكس أن مصر دولة مستقرة وآمنة، رغم المشكلات العديدة التى تواجهها المنطقة.
■ لماذا اختيرت العاصمة تحديدًا وليس محافظات أخرى؟
- نظمت وزارة الشباب والرياضة فعاليات «أسبوع القاهرة الحضرى» فى محافظة القاهرة، من خلال فريق «أنا متطوع»، والذى انطلق من المتحف القومى للحضارة المصرية فى القاهرة، نهاية أكتوبر الماضى.
ويعتبر «أسبوع القاهرة الحضرى» تجربة رائدة لمحافظة القاهرة فى إنجاز وتطوير البنية التحتية، وعملية التحضر للقضاء على العشوائية والتوسع العمرانى، وعرض نماذج فريدة. كما أن القاهرة تعتبر ثانى مدينة إفريقية بعد نيروبى تستضيف هذا المنتدى.
■ كيف سيُدار المنتدى؟ وماذا عن الجلسات والمتحدثين؟
- لدينا ٥٦٠ فعالية، تنقسم بين حوارات وجلسات خاصة وموائد مستديرة، وتضم كل فعالية وحوار مستدير بنودًا أخرى متشعبة جميعها يناقش قضايا التحضر. بالطبع سيكون لدينا متحدثون أجانب ومصريون، جميعهم حريص على تقديم رسائل واضحة وتجارب سبق تنفيذها على أرض الواقع، تخدم قضايا التحضر وتعالج مشكلات وأزمات الشعوب.
■ هل هناك علاقة بين تنظيم مصر «قمة المناخ ٢٧» والمنتدى الحضرى العالمى؟
- كما ذكرت من قبل، برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية «هابيتات» لا يعرف المجاملة، ويبحث دومًا عن الشركاء الناجحين، لذا اختار مصر عقب نجاحها فى تنظيم قمة المناخ بمدينة شرم الشيخ، فى ظل التنظيم غير العادى والمتفانى، والصورة المتحضرة التى ظهرت بها مصر على مدار فعاليات القمة. لذا نستطيع القول إن نجاح القاهرة فى قمة المناخ أسهم بشكل كبير فى الحفل الدولى الذى نراه اليوم على أرض مصر.
والوقت بين المؤتمرين ليس كبيرًا، فعامان فقط يفصلان استضافة مصر أكبر حدثين عالميين مدرجين على أجندة الأمم المتحدة، فبعد نجاحها المبهر وبشهادة العالم أجمع فى تنظيم واستضافة مؤتمر المناخ «COP 27» بمدينة شرم الشيخ، فى نوفمبر ٢٠٢٢، تستقبل القاهرة اليوم المشاركين فى المنتدى الحضرى العالمى فى نسخته الـ١٢، التى تنطلق فعالياتها تحت شعار: «كل شىء يبدأ محليًا.. لنعمل معًا من أجل مدن ومجتمعات مستدامة»، وينظمها برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية والحكومة المصرية.
■ ماذا يعكس تنظيم مصر هذين الحدثين الكبيرين فى هذه الفترة القصيرة؟
- يعكس الثقة والتقدير العالمى لرؤية وجهود مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسى، وقدرات حكومتها، وتماسك وتناغم أداء مؤسساتها، وقدرتها التنظيمية، ومقدراتها وتاريخها الثرى، إلى جانب نظرة المجتمع الدولى لدورها ومستقبلها الاقتصادى، فضلًا عن دورها الريادى والاستراتيجى على المستويين الإقليمى والدولى كمركز للتنمية والتحضر والسلام والتطور، علاوة على النهوض فى ملف التنمية الحضرية والعمرانية المتكاملة الذى تنفذه مصر منذ ٢٠١٤.
كما أنه اعتراف دولى بقدرة مصر ليس فقط على التنظيم الناجح، والترتيبات والاستعداد لاستضافة واستقبال العدد الهائل من المشاركين الذى يتجاوز الـ٢٠ ألفًا من جميع أنحاء العالم، من قيادات ووزراء ووفود وخبراء- بل يعد كذلك شهادة عالمية على ما حققته مصر من طفرة فى التطور الحضرى خلال فترة زمنية وجيزة لا تزيد على ١٠ سنوات، خاصة فى العمران والطرق والكبارى وتطوير العشوائيات.
لذا تولى القاهرة اهتمامًا كبيرًا باستضافة المنتدى، الذى يعود إلى إفريقيا بعد ٢٠ عامًا، منذ النسخة الأولى التى عُقدت فى العاصمة الكينية نيروبى، خاصة فى ظل ما تتمتع به مصر من خبرة فى مجالات التنمية الحضرية.
■ لماذا تأتى استضافة المنتدى الحضرى العالمى فى هذا التوقيت بالذات؟
- العالم الآن يشهد صراعات كبيرة وتغييرات أكبر، وتواجه المدن والمستوطنات البشرية فى العالم كله تحديات غير مسبوقة، تتعلق بالنمو السكانى الكبير والسريع، وتغير المناخ والتنمية المستدامة، وندرة المياه وفقدان المسكن، والحاجة إلى توفير التمويل اللازم لمواجهة هذه التحديات. من هنا يمثل هذا الحدث المهم فرصة مثالية لتبادل الأفكار والممارسات المثلى، وتطوير استراتيجيات فعالة، والبحث عن حلول مبتكرة تعزز من جهود التنمية الحضارية.
■ ماذا عن دور وزارة التنمية المحلية فى هذا الحدث العالمى؟
- الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، أجرت عددًا هائلًا من الزيارات الميدانية لمقر انعقاد المنتدى، الذى تستمر فعالياته حتى الجمعة المقبل، فى مركز المنارة للمؤتمرات الدولية.
وتابعت وزيرة التنمية المحلية التنظيم والاستعداد للحدث، وتجولت فى المعرض المصاحب للمنتدى، والجناح المصرى الذى يضم الجهات والوزارات المصرية، فضلًا عن تفقد مختلف القاعات والأجنحة الخاصة باستضافة مختلف الفعاليات والجلسات المصاحبة.
كما اطمأنّت الدكتورة منال عوض من الشركة المنظمة للمنتدى على انتهاء جميع التجهيزات الفنية واللوجستية الخاصة بالقاعات التى ستستضيف الفعاليات والملتقيات الجماعية والجلسات والموائد المستديرة.
■.. ودور محافظة القاهرة؟
- إلى جانب وزارة التنمية المحلية، تلعب محافظة القاهرة دورًا بارزًا فى هذا الحدث العالمى. حيث عقد الدكتور إبراهيم صابر، محافظ العاصمة، عدة اجتماعات مع قيادات المحافظة، فى إطار الاستعداد الجيد وتسخير جميع الموارد والإمكانات لإنجاح هذا الحدث الذى يترقبه العالم. وأكد محافظ القاهرة تخصيص ساحتى انتظار بجوار مركز «المنارة» للمؤتمرات لسيارات الضيوف، بجانب توفير كل التجهيزات الخاصة لخروج العاصمة بصورة تليق باستضافة مصر هذا الحدث العالمى المهم للغاية، إلى جانب تجهيز الأتوبيسات الخاصة بنقل الضيوف المشاركين.
ما العائد على مصر عربيًا وإفريقيًا وعالميًا من هذا الحدث؟
- مما لا شك فيه أن العوائد كثيرة منها: تبادل الخبرات العملية القابلة للتنفيذ على أرض الواقع، فالحديث مع ٣٥ ألف مشارك، و١٨٥ دولة لها ممثلون عنها فى مصر، يساعد فى نقل تجارب أكثر واقعية وفاعلية للتحضر. كما أنه ستكون هناك مصالح اقتصادية تتمثل فى استثمارات جديدة تتدفق فى السوقين المصرية والإفريقية، وتساعد فى نمو الاقتصاد المحلى المصرى.