بايعني والا شاريني

بايعني والا شاريني
بايعني
      والا
      شاريني

الأحد 03/نوفمبر/2024 - 02:08 م 11/3/2024 2:08:48 PM

 

البيع والشراء في الأغنية المصرية
في أغانينا المعاصرة، نجد استخدامًا مفرطًا لمفاهيم البيع والشراء للتعبير عن العلاقات العاطفية، وهو تكرار أصبح مألوفًا ومستهلكًا. هذه الاستعارات تتخذ شكلًا رمزيًا للإشارة إلى الخيانة، الجفاء، الوفاء، والعطاء، ولكن مع مرور الوقت، تكررت تلك الصيغ بشكل مبالغ فيه. أغاني مثل "بايعني ولا شاريني" و"مشتريكي متبعيش" تعتمد على نفس البنية، حيث يُرمَز للحب والتقدير عبر مفاهيم اقتصادية – "البيع" كرمز للتفريط أو الخيانة، و"الشراء" كتعبير عن التمسك والتقدير.

التكرار المتزايد لمثل هذه الصيغ في الأغاني الشعبية والرومانسية أدى إلى تقليص الابتكار في تقدير المشاعر الإنسانية. بدلًا من خلق معانٍ جديدة تعبر عن التحولات العاطفية المختلفة، أصبح السرد يلتف حول نفس المفاهيم الرمزية التي فقدت جزءًا من قوتها الشعرية بسبب شيوعها. يعتمد الكثير من الكتاب على هذا التلاعب البسيط بالكلمات بدون الغوص في أعماق العواطف، ما يقلل من جودة الرسالة.

هذه الاستعارات تعكس رؤية مادية للعلاقات، تضع الحب والتقدير في إطار صفقة اقتصادية، وهي رؤية قد تكون محدودة في تعبيرها عن التعقيد العاطفي الذي يمكن أن تحمله العلاقة بين البشر. ما كان في البداية فكرة رمزية مبتكرة، أصبح الآن قالبًا محدودًا يجري تكراره، دون تطوير أو تقديم وجهات نظر جديدة أو معادلات موضوعية أكثر تعقيدًا وعمقًا.
البحث عن معادلات موضوعية بديلة:
للتخلص من هذا التكرار، يجب أن ينظر الشعراء وكتاب الأغاني إلى العلاقات الإنسانية بمنظور أكثر تنوعًا وتفردًا. يمكن للأغنية المصرية أن تستمد قوتها من الموروث الثقافي الغني والتجارب اليومية المعقدة، بدلًا من الاقتصار على تشبيهات البيع والشراء. العلاقات قد يتم تصويرها كرحلات استكشاف، كأمواج تتغير وتتحرك، أو حتى كحوار دائم بين الذات والآخر.
بدلًا من استخدام مفهوم البيع كرمز للخيانة أو الشراء كرمز للتقدير، يمكن اللجوء إلى صور أكثر تعقيدًا تعكس أبعاد العلاقات العاطفية. يمكن وصف الحب على أنه نهر يجري بين قلوب الناس، أو كأن الحبيب هو كاتب يكتب في كتاب الحياة بيده. هناك العديد من الصور البصرية التي يمكن أن تعبر عن فكرة التبادل بين الطرفين، ولكن بطرق غير مباشرة وأقل تكرارًا.
بصريًا، يمكن للأغاني أن تتوجه نحو رسم عوالم عاطفية تجريبية ومختلفة. من أمثلة ذلك:
1. التشبيه بالطبيعة: تصوير العلاقة كطبيعة متغيرة، مثل المطر الذي يسقي الأرض أو الرياح التي تحرك الأشجار، وهو ما يعبر عن فكرة التطور المستمر في العلاقات الإنسانية.
2. الزمن والمكان: يمكن تصوير العلاقات على أنها جزء من الزمن، كمرور الفصول أو تقاطع الطرق، ما يمنح العلاقات بعدًا فلسفيًا يتعلق بتأثير الزمن عليها.
3. الاعتماد على الرموز الثقافية والفنية: بدلًا من استخدام مفاهيم اقتصادية بحتة، يمكن اللجوء إلى رموز فنية أو ثقافية عريقة من التراث المصري والعربي، مثل استخدام الحرف اليدوية القديمة أو الفنون التقليدية كتشبيهات تعكس الجهد والتفاني في العلاقات.
في النهاية، تطوير الأغنية المصرية يحتاج إلى تنويع في المعاني والمفاهيم، وابتكار صور بصرية جديدة أكثر تعقيدًا وتنوعًا. بدلًا من الاعتماد على مفاهيم البيع والشراء التي أصبحت مبتذلة، يمكن أن تتخذ الأغاني منحى أعمق يستمد من التعقيد الحقيقي للعلاقات الإنسانية.
ومن المفارقة العجيبة أن أحدي المحطات الإذاعية وهي تتقصى أخبار مهرجان التسوق، كانت تبث في الفواصل مقاطع من أغاني مثل: "بافكر في اللي ناسيني وبانسى اللي فاكرني، وباهرب م اللي شاريني وادور ع اللي بايعني"،  و "مشتريكي ماتبعيش وارجعي ماتضيعيش عشرة العمر في ثواني"، كأنما تؤكد على الجانب المادي فقط في تسليع وتثمين الحب والعلاقات العاطفية بمختلف نواحيها وأنواعها.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق بوريل يعترف بعجز الاتحاد الأوروبي عن بناء بنية أمنية جديدة
التالى القاهرة السينمائي يكشف الإحصائية الكاملة لأفلام الدورة الـ 45