قبل يومين من الثلاثاء الكبير في الخامس من نوفمبر، الذي يمثل الجولة النهائية والحاسمة في الانتخابات الرئاسية الأميركية، احتشد الرئيس السابق دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس في مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن. وفي حين لا تفصل بين تجمعهما الانتخابيين سوى سبعة أميال، ينقسم أنصارهما بشدة، حيث يسعى كل منهما للفوز بأصوات هذه الولاية المتأرجحة التي قد تحدد مصير السباق.
ويسكونسن.. مفتاح استراتيجي لكلا المرشحين
تعتبر ولاية ويسكونسن، وخاصة منطقة ميلووكي، واحدة من أهم معاقل الأصوات الديمقراطية، بينما تُعد ضواحيها نقطة قوة للجمهوريين. ويكافح ترامب لاستعادة الولاية التي فاز بها بفارق ضئيل في عام 2016، لكنه خسرها أمام جو بايدن في 2020 بسبب انخفاض دعمه في الضواحي. وأوضح رئيس الحزب الجمهوري في مقاطعة ميلووكي، هيلاريو ديليون، قائلاً: "المرشحان يدركان أن الطريق إلى البيت الأبيض يمر عبر مقاطعة ميلووكي"، حيث يسعى كل منهما لاستمالة الناخبين في الولاية المتأرجحة.
التنافس على الأرض: هبوط متزامن في مطار ميلووكي
في مشهد نادر ولافت، هبطت طائرة نائبة الرئيس هاريس في مطار ميلووكي قبل حوالي 40 دقيقة فقط من طائرة ترامب، وتوقفت الطائرتان على مقربة من بعضهما البعض، في إشارة إلى التنافس الشديد بين الطرفين. وقد غادرت هاريس المطار قبل هبوط طائرة ترامب، حيث اتجهت مباشرة للقاء أنصارها في تجمع حاشد، حيث تحدثت عن رؤيتها لمستقبل أميركا وأهمية الابتعاد عن سياسات ترامب التي وصفتها بـ"المثيرة للانقسام".
هاريس تدعو لطي صفحة ترامب وتدعم جيلًا جديدًا
وفي خطابها، دعت هاريس الأميركيين في ولاية ويسكونسن إلى التصويت لها في الانتخابات المقبلة، مؤكدة أن الوقت قد حان لطي صفحة دونالد ترامب والانتقال إلى قيادة جديدة تُمثل "جيلًا جديدًا" من الأميركيين. واعتبرت هاريس أن هذه الانتخابات تتيح للشعب الأميركي فرصة مهمة للتخلص من سياسة التفرقة والخوف التي قالت إن ترامب يروج لها، مؤكدة على أهمية توحيد الأميركيين وإعادة بناء البلاد بعد الأزمات التي مرت بها.
ترامب يحشد أنصاره ويحذر من التزوير المحتمل
في المقابل، استغل ترامب تجمعه في ميلووكي لتوجيه دعوة قوية لأنصاره للتصويت له بقوله إن "مصير أميركا بأيديهم". وشدد على أهمية "تحقيق نصر ساحق" لا يمكن التلاعب به، في إشارة إلى اتهاماته المستمرة للديمقراطيين بالتزوير. وعلى مدى الأشهر الماضية، ركز ترامب جهوده على التأكيد لأنصاره بأن الطريقة الوحيدة التي يمكن أن يخسر بها هي "التلاعب"، مثيراً مخاوف واسعة من أنه قد يعاود الطعن في نتائج الانتخابات كما فعل في عام 2020.
ترامب يضع الأساس للطعن في نتائج الانتخابات
أفادت وكالة "أسوشييتد برس" أن ترامب قضى شهوراً في وضع الأساس القانوني والسياسي للطعن في النتائج إذا خسر، حيث يكرر في تجمعاته الانتخابية دعوة أنصاره إلى ضمان "نصر أكبر من أن يتم التلاعب به". وعاد ترامب لاتهام الديمقراطيين بالتزوير دون تقديم دليل واضح، محذراً من أن "الغش هو الشيء الوحيد الذي يمكن أن يوقفنا"، وفقاً لتصريحاته الأخيرة في تجمع انتخابي بولاية أريزونا.
عودة مشهد انتخابات 2020.. وذكريات اقتحام الكابيتول
يأتي هذا الاستعداد للطعن في نتائج الانتخابات وسط مخاوف من تكرار أحداث انتخابات 2020، حيث أعلن ترامب فوزه مبكراً وحاول الطعن في نتائج الانتخابات، الأمر الذي بلغ ذروته في اقتحام أنصاره لمبنى الكابيتول في 6 يناير 2021. ويعرب المراقبون عن قلقهم من أن شكوك ترامب المتكررة قد تثير اضطرابات واسعة النطاق في حال خسارته مرة أخرى، مما قد يؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي.
ميلووكي وويسكونسن: محطات حاسمة للسباق نحو البيت الأبيض
تمثل ولاية ويسكونسن، وتحديداً مقاطعة ميلووكي، منطقة حاسمة للمرشحين، حيث يمكنها تغيير دفة السباق لصالح أحدهما. وتاريخياً، تعد الولاية متأرجحة، إذ صوتت في 2016 لصالح ترامب بفارق ضئيل، ثم انقلبت لصالح بايدن في 2020. ولهذا السبب، يعير المرشحان أهمية كبيرة لزيارة ميلووكي، ويحشدان الجهود لإقناع الناخبين في هذه الولاية التي قد تُغير مسار الانتخابات.
الأبعاد الإقليمية والدولية للانتخابات الأميركية
مع اقتراب الانتخابات، تتابع الدول حول العالم مسار الانتخابات الأميركية عن كثب، خاصة أن سياسة واشنطن تؤثر على القضايا العالمية. وتعد هذه الانتخابات محطة فارقة من حيث تأثيرها المتوقع على القضايا الداخلية والخارجية للولايات المتحدة، مما يجعلها محط اهتمام دولي كبير. ويرى المحللون أن نتائج الانتخابات ستحدد مصير علاقات أميركا مع حلفائها وخصومها، وستؤثر على سياسات عدة ملفات إقليمية مثل الملف النووي الإيراني والعلاقات مع الشرق الأوسط.