ناقد موسيقي، ناقد أدبي، ناقد فني، هز مفاهيم عصره وأكسب الوسط الأدبي والفني حياة جديدة، وهو مصلح اجتماعي استطاع أن يضع الأسس التي استقرت عليها الاشتراكية البريطانية، إنه الكاتب الأيرلندي جورج برنارد شو، الذي يحل اليوم ذكرى وفاته، إذ رحل عن عالمنا في 2 نوفمبر لعام 1950، بعد أن شهد تحطما عاما في صحته وتحديدا في 1947 وأصبح بالغ الهزال وضعيف السمع ولا ينتقل بدون الاستناد إلى عكاز، تاركا إرثا كبيرا من الأعمال الأدبية.
نشأة جورج برنارد شو
في السادس والعشرين من يوليو لعام 1856 ولد جورج برنارد شو في دبلن بأيرلندا، لأبوين مختلفي الطباع؛ كان والده سكيرا مدمنا للكحول، ويعمل تاجر حبوب غير ناجح وغير سعيد في حياته، إلا أنه يستطيع أن يضحك وسط أعنف المآسي، على عكس والدته كانت دائمة الوجوم، خصبة الخيال، عاشقة للموسيقى، وقد ورث من الأب مرحه، ومن الأم خيالها الخصب وحبها للموسيقى، ةواشتغل والده بتجارة القمح، وكان في دكانه يوم أن جاءه النبأ بأن تجارته أفلست، فما كان منه إلا أن أدار وجهه إلى الحائط، وأغرق في الضحك، وعاش برنارد شو ليكون صورة من هذا الوالد.
نشأ برنارد شو، مع شقيقتيه اللتين تكبرانه، في بيت ترك لهم فيه الوالدان الحرية المطلقة يفعلون ما يريدون، دون رقيب أو محاسب، فنشأ حر التفكير قبل أن يعرف كيف يفكر، وتلقى دروسه الأولى على يد مربيته التي عملته القراءة والكتابة والعمليات الأربع في الحساب، ولكنها لم تستطع أن تعلمه القسمة، ولم يكن تلميذا بليدا حتى كره المدرسة، فقد قرأ "روبنصون كروزو" وهو ابن ست سنوات، وكان منكبا على قراءة المجلدات ودراسة شكسبير، وكان منذ طفولته والفكاهة جزء من حياته، فكان يسلي زملاءه في الصف بتمثيل مناظر هزلية من حياته البيتية، ومن روايات شكسبير، والإلياذة، والأوديسة.
وتربي جورج برنارد شو على حب الموسيقى منذ صغره، فكان يستطيع أن يصغر ألحان سوناتا وموزارت وبيتهوفن، وعشق الأوبرا لدرجة الجنون، ولما كبر عشق المسرح، فقد ظل يكتب للمسرح لفترة ست وأربعين سنة، كتب ما يزيد على الخمسين مسرحية، وأخرج عددا كبيرا من هذه المسرحيات أثناء حياته في عواصم بلدان أوروبا وأمريكا.
أعمال جورج برنارد شو
أول نجاحات جورج برنارد شو كانت في النقد الموسيقي والأدبي، لكنه انتقل إلى المسرح، وتميزت أعماله بأنها تحتوي على جرعة كوميديا، كما كان أحد مفكري ومؤسسي الاشتراكية الفابية، وكانت تشغله نظرية التطور والوصول إلى "السوبرمان"، وترجم حازم قاسم حسن أعماله كاملة إلى اللغة العربية وصدرت على شكل أجزاء وصدرت أيضا كل مسرحية على حدة ومن أشهر مسرحياته: بيوت الأرامل، السلاح والرجل، جان أوف أرك، الإنسان والسوبرمان، سيدتي الجميلة (نال عنها جائزة نوبل)، كانديدا، الرائد باربرا، وبيت القلب الكسير، وهو الوحيد الذي حاز على جائزة نوبل في الأدب لعام 1925 وجائزة الأوسكار لأحسن سيناريو عن سيناريو "بيجماليون" المستوحاة من "أسطورة إغريقية" في 1938.