تمر اليوم الذكرى الـ139 لميلاد الكاتب أمين الرافعي، إذ وُلِد في مثل هذا اليوم، الموافق 18 ديسمبر 1886، ويعد أحد أبرز رواد الصحافة المصرية المستقلة. عُرضت عليه كبريات وظائف الدولة، فكان جوابه القاطع: «لا تُفسدوا عليّ إيماني، فأنا لم أُخلق لهذه الوظائف». كان أمين الرافعي نعم العون للزعيم الراحل سعد باشا زغلول، وقد خصّه سعد بثقته، فكان يراسله وهو مع الوفد المصري في باريس، ويستهل رسائله إليه بقوله: «أخي أمين».

وحين اختلف معه في مبدأ المفاوضات، لم تهتز ثقة سعد به، بل ظل يلقّبه بـ«الخصم الشريف» و«الرجل النزيه»، وكان يستعير منه الوثائق الخاصة بتسجيل أعمال الوزارات. وعندما نُفي سعد باشا إلى سيشل، كان أمين الرافعي في مقدمة المدافعين عنه، رغم استمرار الخلاف في الرأي، كما وجّه نقدًا لطريقة وضع الدستور. وفي هذا السياق قال سعد باشا زغلول: «إن أمينًا كأنما يُملي عليّ ما أكتبه».

ومن مفاخر أمين الرافعي التي تدل على التضحية والشجاعة، ما قام به عام 1914، حين ألغت إنجلترا الحماية على مصر وفرضت الأحكام العرفية على الصحف، وألزمتها بنشر البلاغات الرسمية، وعلى رأسها بلاغ الحماية. فقد رفض أمين، وكان يتولى رئاسة تحرير جريدة «الشعب» آنذاك، نشر بلاغ الحماية، وقرر تعطيل الجريدة من تلقاء نفسه، حتى لا يُنشر هذا البلاغ على صفحاتها. ورضي بما ترتب على ذلك من سجن واعتقال، فقضى مدة السجن صابرًا راضيًا، وخرج منه أكثر إيمانًا وقوةً وثباتًا في النفس والقلب.

ويُعدّ ما فعله الرافعي استثناءً فريدًا، إذ كان الرجل الوحيد الذي مارس دوره الوطني برفض نشر بلاغ الحماية البريطانية، وامتنع صراحة عن إذاعته.

كما كان الصحفي الوحيد الذي نبّه الأمة وزعماءها وأحزابها إلى بطلان قرار حل مجلس النواب، لعدم تحديده موعد الانتخابات أو التاريخ الذي يجتمع فيه المجلس من جديد. وأكد أن البرلمان، ما دام لم يُدعَ للانعقاد، فمن حقه أن يستأنف وجوده، لأن قرار الحل يُعدّ في هذه الحالة كأن لم يكن. وقد أخذ الزعماء بهذا الرأي، باستثناء أمين الرافعي، الذي لم ينتفع بشيء من ذلك، واكتفى بأن يقول: «لقد سررت بإنقاذ الدستور، وفوز الأمة، وارتاح ضميري ارتياح من يشعر بأن الله قد وفّقه إلى دعوة صالحة كُتب لها التحقيق والنجاح».