جريمة بشعة بالإسكندرية.. كيف تحوّل خلاف أسري إلى مأساة أنهت حياة أب أمام أطفاله؟

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

في بعض البيوت لا يسمع الناس صرخات الاستغاثة رغم أنها تتكرر كل يوم خلف الأبواب المغلقة، يظن الجميع أن الخلافات الزوجية مجرد لحظات عابرة، لكن هناك لحظات تتحول فيها الكلمة إلى مأساة، والغضب إلى جرح لا يلتئم، والبيت إلى مسرح لجريمة تهز القلوب.

في فجر يوم هادئ بمنطقة أبو يوسف بالإسكندرية، لم يكن أحد يعلم أن تلك الليلة ستشهد جريمة بشعة، وضياع 3 أطفال، بعد مقتل والدهم الذي كان يحلم فقط بحياة بسيطة وهدوء يعينه على تربية أولاده.

لم يكن «محمد» المجني عليه مجرد ميكانيكي بسيط يسعى وراء لقمة العيش، بل كان ابن بار بوالدته، لم تفارقه ابتسامة الهدوء التي عرفه بها جيرانه في منطقة أبو يوسف، عاش رحلة من التعب، حمل فيها مسؤولية والدته بعد وفاة والده، واعتاد أن يقسّم يومه بين عمله الشاق ورعاية أسرته الصغيرة.

كانت والدته تردد دائمًا: «محمد هو سندي»، تلك الجملة التي تلخص حياة رجل عاش ليمنح من حوله الطمأنينة، لكن في تلك الليلة التي سبقت الحادث، لم يكن أحد يتوقع أن يكون هذا اللقاء الأخير بين الأم وابنها آخر ما يجمعهما في الحياة.

عاد “محمد” إلى والدته قبيل منتصف الليل، جلس معها قليلًا، سألته عن عمله، وعن أولاده، وعن أحوال البيت الذي بدأت الخلافات تعصف بجدرانه منذ أشهر، حاول أن يخفي عنها ما يستطيع من القلق، فوعدها بأنه سيعود فجرًا ليتناول الإفطار معها، ورفض الطعام، وابتسم وهو يقول: «مراتي محضرة العشا»، لم تكن الأم تعلم أن تلك الكلمات ستكون آخر ما تسمعه منه، وأن الفجر الذي وعدها به سيحمل نبأ موته بدلًا من زيارته.

في ذلك المنزل الصغير، كانت الخلافات بين محمد وزوجته تتصاعد يومًا بعد يوم، لم يعرف أحد من الجيران سببها الحقيقي، لكنهم كانوا يسمعون الصوت يرتفع أحيانًا والخلاف يمتد لساعات،  3 أرواح صغيرة كانت تُربّى داخل هذا التوتر؛ أطفال لا يعرفون سوى أن والدهم الحاني كان يحاول دائمًا حماية البيت، وأن أمهم كانت تشتعل غضبًا لأسباب لم يفهموها، وفي تلك الليلة، كانت الشرارة الأخيرة أشد مما يتحمله أي قلب.

قبل آذان الفجر بقليل، بدأت الأصوات تعلو داخل الشقة،  الجيران ظنوا أنها مشاجرة عادية، كتلك التي اعتادوا عليها، لكن شيئًا ما كان مختلفًا هذه المرة، حيث كانت الصرخات أعلى، والأصوات أكثر حدة، والأطفال يبكون بطريقة تُنذر بأن شيئًا مختلفًا داخل البيت، ووقتئذ شعر الجيران بأن الأمر لن ينتهي بسلام، فاجتمعوا أمام الباب لمحاولة تهدئة ما يمكن تهدئته.

حين فتح الجيران باب الشقة، فوجئوا بمشهد لن يغيب عن ذاكرتهم ، كان محمد ممددًا على الأرض، والدماء تحيط به، زوجته كانت تجلس بجواره، تبكي بلا وعي، والسكين ملطخة بالدماء إلى جانبها،  أما الأطفال الـ3، فقد تجمّعوا في زاوية الغرفة، يصرخون في رعب شديد، غير قادرين على فهم ما حدث لوالدهم الذي كان قبل دقائق فقط يتحدث معهم ويهيئهم للنوم.

لم تكن صدمة الجيران بأقل من صدمة الأم التي أيقظها القدر على صوت: «يا ماما.. محمد مات»، هرولت الأم إلى بيت ابنها، وعند وصولها توقفت قدماها عند باب الشقة للحظة، ثم دخلت لتجد ابنها غارقًا في دمائه، سقطت بجواره، تحتضن جسده الهامد وتصرخ، وتردد: : «يا ابني ليه عملت فيك كده؟» .


عندما بدأت الشرطة في فك لغز الجريمة، اتضحت ملامح مأساة أكبر من مجرد خلاف أسري،  الزوجة اعترفت بأنها فقدت السيطرة على نفسها بعد مشادة حادة مع زوجها، فالتقطت سكين المطبخ وسددت له الطعنات.

وقالت أمام جهات التحقيق ، إنها لم تكن تقصد قتله، وإنها أرادت فقط «تخويفه»، لكنها حين استفاقت من غضبها، كان كل شيء قد انتهى، لا هي استطاعت علاج ما اقترفته، ولا صراخ الأطفال أعاد الحياة لوالدهم.

الأم المكلومة روت لحظاتها الأخيرة مع محمد، وكيف تركها وهو يطمئنها بأنه سيعود، وكيف انتظرت فجرًا تسمع فيه طرقه على الباب، كانت تبكي وهي تقول: «كان ممكن تسيبيه وتروحي لأهلك.. ليه قتلتيه؟ ليه كسرتي ضهر ولادك؟».

الحادث لم يحزن أسرة الضحية فقط ، بل هز المنطقة بأكملها الجميع كان يعرف محمد، يحبونه لدماثة أخلاقه، وكانوا يرونه كل صباح وهو يذهب لعمله مبتسمًا رغم صعوبة الحياة، فلم يتخيل أحد أن نهايته ستكون بهذه الطريقة، وأن البيت الذي كان يبدو هادئا سيصبح فجأة عنوانًا لجريمة تثير الدهشة والحزن معًا.

ومع بدء التحقيقات، بدا واضحًا أن وراء هذه الجريمة تراكمات من الغضب والغيرة تراكمت حتى وصلت إلى لحظة لا عودة فيها، وأصبح الواقع 3 أطفال أصبحوا بلا أب، وزوجة تواجه مصيرها خلف القضبان، وأم فقدت سندها الوحيد في الدنيا.

بدورها، أصدرت النيابة قرارًا بنقل جثة المجنى إلى المشرحة وتم وضعها تحت تصرف النيابة العامة وأمرت بسرعة ندب الطبيب الشرعي لتشريح الجثة واستعجال تحريات المباحث الجنائية حول الواقعة، وحبس الزوجة 4 أيام على ذمة التحقيق مع مراعاة التجديد لها في الميعاد .

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق