اليوم العالمي لمكافحة الفساد.. والشفافية الرقمية في محليات مصر

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

قرّرت الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ 20 عامًا في ديسمبر 2005 أن يكون يوم 9 ديسمبر يومًا دوليًا لمكافحة الفساد، من أجل إثراء الوعي بالفساد، ومكافحته ومنعه.

تم اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في 31 أكتوبر 2003، ومنذ ذلك الحين، التزم 190 طرفًا على الصعيد العالمي بتنفيذ الالتزامات المتعلقة بمكافحة الفساد المنصوص عليها في الاتفاقية، من أجل تحسين الحوكمة والمساءلة وتجديد الالتزام السياسي عالميًا.

وعرفت الأمم المتحدة الفساد بأنه ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر في البلدان جميعهم. فالفساد يقوّض المؤسسات الديمقراطية، ويبطئ وتيرة التنمية الاقتصادية، ويساهم في زعزعة الاستقرار الحكومي.

وأشارت اتفاقية مكافحة الفساد بالأمم المتحدة أن الفساد يهاجم أسس المؤسسات الديمقراطية من خلال تشويه العمليات الانتخابية، وتحريف سيادة القانون، وخلق مستنقعات بيروقراطية لا مبرّر لوجودها سوى طلب الرشى. كما تتقزّم التنمية الاقتصادية؛ لأن الاستثمار الأجنبي المباشر يثني عن الدخول، وغالبًا ما تجد المشروعات الصغيرة داخل البلد صعوبة في تجاوز «تكاليف البدء» المطلوبة بسبب الفساد.

ومع مرور أكثر من عشرين عامًا على اعتماد الاتفاقية، بتزايد أهمية هذه الاتفاقية والقيم التي تكرّسها أكثر من أي وقت مضى، الأمر الذي يستدعي تضافر جهود الجميع للتصدي لهذه الجريمة. ويتصدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بمختلف أنواعها، وأمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية، الصفوف لضمان عالم متّحد ضد الفساد.

مصر والشفافية والرقمنة

أطلقت مصر 9 ديسمبر عام 2014 الاستراتيجية الأولى لمكافحة الفساد في مصر 2014 – 2018 وأعقبتها الاستراتيجية الوطنية الثانية 2018 – 2022 وأخيرًا حاليًا الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2023 – 2030.

وهذه الاستراتيجية جاءت تطبيقًا للمادة 218 للدستور، والتي تنص على أن الدولة تُلزم بمكافحته، وتحدد القانون الهيئات والأجهزة الرقابية المختصة لذلك، مع تأكيد الدستور على استقلال هذه الهيئات وتعزيز دورها في الحفاظ على المال العام والنزاهة، وتنسيق جهودها لوضع الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، كما يشير النص إلى آليات عمل الجهاز المركزي للمحاسبات والبنك المركزي والهيئات الرقابية المالية الأخرى".

وتضمنت استراتيجية مكافحة الفساد التـي تبنتهـا مصر ثلاثة محاور رئيسة.. المحور الأول: إصدار القوانين واللوائح التي من شأنها تحقيق مكافحة الفساد، المحـور الثاني: تمكيـن الجهات الرقابيـة والقضائية القائمة مـن العمل على إنفاذ تلك الاستراتيجية، المحور الثالث: توافـر الإرادة الحقيقية لدى القيادة السياسية لمكافحة الفساد دون تسـتر على الفساد والمفسدين أيًا كانت مناصبهـم أو مواقعهـم.

نجحت الأجهزة الرقابية من خلال الاستراتيجية الأولى والثانية لمكافحة الفساد والأخيرة من جهود كبير جدًا من القبض على مسؤولين وموظفين بمختلف الدراجات الوظيفية من وزراء وحتى أصغر موظفي الأحياء بالمحافظات وغيرها.

ولكن اللافت للنظر في قضايا مكافحة الفساد أن المحليات ومحافظات مصر تصدرت المشهد في كثير من القضايا بمبالغ تقدر بمليارات الجنيهات وهو ما يدفعنا للسؤال والاستفسار الأهم: لماذا لا يكون هناك آليات عمل أوسع وأشمل نحو الرقمنة بالمحليات بشكل غير تقليدي تعزيزا للشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد منها على سبيل المثال الآتي.

التوقيع الإلكتروني للمسؤولين

 لماذا لا نفكر بشكل غير تقليدي باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بتحول توقيع المسؤولين التقليدي إلى توقيع رقمي عبر نظام موحد متصل بالوزارات المعنية من خلال إدارات للذكاء الاصطناعي في المؤسسات الحكومية وعمل تقرير دوري عن توقيع المسؤولين وربطها بالأجهزة الرقابية!

الاستفادة الذي ستعود من التوقيع الرقمي هو كشف سير عمل المسؤولين وأصحاب القرار في المحافظات وربطها إلكترونيًا بنظام رقمي يظهر على هذا التوقيع صحيح قانونيًا وإداريًا طبقًا للوائح العمل أو توقيع مخالف قانونيًا وهو أمر لو بدأنا فيه من الآن عبر سيستم موحد شامل سيُحَوَّل العمل بالكامل إلى رقمي، ويعزز الشفافية ومكافحة أسرع للفساد.

كما سيساهم التوقيع الإلكتروني من كشف الأخطاء ومحاولة الالتفاف على القانون في منع كمثال ظاهرة فساد تراخيص المحليات والبناء المخالف؛ لأنه سيكشف عبر نظام رقمي من خلال تقنية الذكاء الاصطناعي إذا كان هذا التصريح أو الترخيص مطابقا للقانون من عدمه وغيرها من الأعمال الإدارية والفنية بالمحليات.

وبعد.. إن هناك الكثير من المقترحات التي يمكن تفعيلها مع مجهودات الدولة الكبيرة والأجهزة المعنية في مكافحة الفساد الذي نريده في مصر في أقل معدلاته من أجل الاستدامة الحقيقية لمستقبل مصر والأجيال القادمة.

أخيرًا، نتمنى ونحن نحتفل باليوم العالمي لمكافحة الفساد 2026 أن نعلن أننا طبقنا مزيدًا من الإجراءات التقنية والرقمية التي اتخذتها الدولة المصرية عبر الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي نحو المزيد من الشفافية ومنع الفساد وردع أكبر لكل من يحاول خرق القانون وتعطيل التنمية في الجمهورية الجديدة.

*باحث في مجال الذكاء الاصطناعي

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق