جلست منى داخل قاعة المحكمة، تضم بين يديها صحيفة دعوى الخلع، وعيناها تحملان آثار سنوات طويلة من الصبر والمعاناة، لم تكن تتخيل يومًا أن تصل إلى هذه اللحظة، لكنها أدركت أن الاستمرار لم يعد ممكنًا، وأن قرارها اليوم هو طوق النجاة الأخير لها ولابنها.
دعوى خلع
”منى.م” شابة في العقد الثالث من عمرها، دخلت الحياة الزوجية بأحلام بسيطة، بحثت عن الاستقرار والأمان حين ارتبطت بزوجها سعيد، الذي بدا في بداية زواجهما مثالًا للرجل المثالي، بوعوده وكلماته المعسولة، غير أن تلك الصورة سرعان ما تلاشت مع مرور الوقت، وبدأت ملامح شخصية أخرى في الظهور.
لاحظت الزوجة تغيرات واضحة في سلوك زوجها، غياب متكرر، إهمال للعمل، وتصرفات غير مبررة، حاولت تجاهل الأمر وإقناع نفسها بأنها مجرد ضغوط عابرة، حتى تكشفت الحقيقة بعد 5 سنوات من الزواج، حين تأكدت من إدمانه تعاطي المواد المخدرة.
واجهته بالحقيقة سعيًا لإنقاذ الأسرة، لكنه أنكر في البداية ثم برر الأمر بأنه وسيلة للهروب من ضغوط الحياة، مؤكدًا – على حد زعمه – أن ذلك لن يؤثر على أسرته، ومع مرور الوقت، تفاقمت الأزمة، إذ أهمل عمله وبدأ في استنزاف أموال زوجته، وتحولت الخلافات إلى تهديدات ومشاجرات متكررة.
ولم تتوقف المأساة عند هذا الحد، حيث اكتشفت ”منى” خيانة زوجها المتكررة من خلال رسائل ومكالمات هاتفية، كشفت عن علاقات متعددة خارج إطار الزواج، ما زاد من معاناتها النفسية وأفقدها الشعور بالأمان.
حاولت الزوجة إصلاح الوضع بكافة السبل، ولجأت إلى أسرة زوجها، إلا أنهم قابلوا شكواها بالتبرير والتقليل من خطورة ما يحدث، كما خضع الزوج لبرامج علاج من الإدمان أكثر من مرة، لكنه سرعان ما كان يعود إلى طريقه القديم.
وفي إحدى الليالي، جلست منى بجوار طفلها الصغير، تتأمله وهو نائم، وتساءلت عن مستقبله داخل هذه البيئة المضطربة، لتتخذ قرارها الحاسم في اليوم التالي بالتوجه إلى محامٍ ورفع دعوى خلع، حفاظًا على كرامتها وحماية لابنها.
عندما علم الزوج بقرارها، حاول تهديدها لإجبارها على التراجع، لكنها هذه المرة واجهته بثبات، مؤكدة أن صبرها قد نفد، وأنها اختارت طريق الخلاص لنفسها ولطفلها.
الزوحة تروي سبب طلبها دعوى خلع
وأمام هيئة المحكمة، روت منى تفاصيل معاناتها بكل شجاعة، مدركة أن الطريق القادم لن يكون سهلًا، لكنها آمنت بأن القرار هو بداية لحياة جديدة أكثر استقرارًا وأمانًا.
غادرت منى قاعة المحكمة بخطوات هادئة، وابتسامة خافتة تحمل الأمل، وقد طوت صفحة قاسية من حياتها، لتبدأ فصلًا جديدًا عنوانه الحرية والكرامة وبداية بلا خوف.
















0 تعليق