كشفت دراسة حديثة شملت أكثر من 10 آلاف مشارك أن الاعتماد المفرط على أدوات الذكاء الاصطناعي في البحث والحصول على المعلومات، مثل برامج الدردشة ونماذج اللغة الكبيرة، قد يؤدي إلى ضعف ملحوظ في القدرة على الاحتفاظ بالمعلومات وفهمها بعمق، مقارنة بأساليب البحث التقليدية التي تتطلب جهدًا ووقتًا أكبر.
فقد تبين أن من يعتمدون على ملخصات مولدة آليًا يقدمون نصائح أقل واقعية وأكثر عمومية، فيما لاحظ المشاركون الآخرون أن هذه النصائح لم تكن مفيدة بالقدر المطلوب، ما يعكس طبيعة التجربة السطحية التي تفرضها هذه الأدوات على عملية التعلم.
كيف يحول الذكاء الاصطناعي التعلم إلى تجربة سلبية؟
يعود السبب، بحسب الباحثين، إلى أن هذه الأدوات تختصر عملية البحث والتفكير بشكل كبير، بحيث يقوم المستخدم فقط بطرح سؤال للحصول على إجابة جاهزة، دون الحاجة إلى تصفح مصادر متعددة أو تقييم المعلومات بشكل نقدي، وهو ما يقلل من الانخراط الذهني ويضعف الفهم العميق. هذا النمط من الاعتماد قد يؤدي إلى ما وصفته الدراسة بـ"التفريغ المعرفي"، حيث يتخلى الأفراد عن مهام التفكير النقدي وحل المشكلات لصالح الذكاء الاصطناعي، مما يضعف الذاكرة على المدى الطويل ويقلل من قدرة الدماغ على معالجة المعلومات بشكل فعال.
التأثيرات العصبية طويلة المدى
تشير أبحاث علم الأعصاب إلى أن الاستخدام المكثف لأدوات الذكاء الاصطناعي مرتبط بانخفاض النشاط الدماغي في المناطق المسؤولة عن الإبداع والمعالجة الدلالية، وهو أثر قد يستمر حتى بعد التوقف عن استخدامها، ما يطرح علامات استفهام حول الأثر المستدام لهذه التكنولوجيا على المهارات الذهنية الأساسية.
ومع أن هذه الأدوات توفر سرعة وكفاءة في الوصول إلى المعلومات، فإن الإفراط في الاعتماد عليها قد يحول التعلم إلى عملية سطحية، ويقود المستخدمين إلى فقدان القدرة على التفكير النقدي والابتكار الشخصي.
نصائح الاستخدام الاستراتيجي
وتؤكد الدراسة على ضرورة استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل استراتيجي، بحيث يقتصر الاستعانة به على الاستعلامات السريعة والمعلوماتية، بينما يظل البحث التقليدي، الذي يتطلب تصفح مصادر متعددة وتحليلها وتقييمها، هو السبيل الأمثل لبناء معرفة عميقة وتعزيز القدرات الذهنية والذاكرة على المدى الطويل، ما يضمن توازنًا بين السرعة والكفاءة من جهة، وبين الفهم العميق والتفكير النقدي من جهة أخرى.














0 تعليق