موجة إقالات ترامب تفتح الباب أمام المحكمة العليا لإعادة رسم شكل الحكومة الفيدرالية

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال عن تدخل حملة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب الواسعة لإقالة مسؤولين فيدراليين مرحلة حاسمة مع انتقال المواجهة إلى المحكمة العليا، التي تستعد للنظر في قضية قد تعيد تعريف حدود السلطة الرئاسية على الوكالات المستقلة.

وفق الصحيفة فالقضية المطروحة — والمتعلقة بإقالة عضو لجنة التجارة الفيدرالية الديمقراطية ريبيكا سلوتر في مارس الماضي — تُعد اختبارًا جوهريًا لمبدأ استقلال الهيئات التنظيمية، الذي تشكّل عبر عقود ليضمن إدارة شؤون تتراوح من الطاقة النووية إلى سلامة المنتجات عبر خبراء مهنيين محميين من تأثيرات السياسة الحزبية.

نحو سلطة رئاسية أوسع

تبدو المحكمة العليا، بأغلبيتها المحافظة، مستعدة لاعتماد رؤية ترامب التي تمنح الرؤساء سلطة إقالة كبار مسؤولي الوكالات المستقلة بلا قيود تقريبًا. ويؤكد المدافعون عن هذا التوجه أن إخضاع تلك الهيئات لرقابة الرئيس المباشرة هو السبيل لكبح البيروقراطية وضمان خضوع صانعي السياسات التنفيذية للمساءلة أمام الناخبين.

ويقول إيلان وورمان، أستاذ القانون الإداري والدستوري في جامعة مينيسوتا، إن القضية تجسد صراعًا بين رؤيتين مختلفتين لطبيعة السلطة التنفيذية، مشيرًا إلى أن سجل المحكمة السابق يجعل من المرجح صدور حكم يعزز السيطرة الرئاسية على الجهاز الإداري.

وتستمع المحكمة إلى مرافعات تتناول قوانين فيدرالية قديمة تحد من قدرة رئيس الدولة على عزل قيادات وكالات مستقلة مثل لجنة التجارة الفيدرالية، والمجلس الوطني لعلاقات العمل، ولجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية. ومن المتوقع صدور القرار النهائي بحلول يوليو المقبل، في حكم قد يتجاوز تأثيره مسألة حماية الوظيفة ليصل إلى بنية الإدارة الأميركية الحديثة.

تداعيات محتملة على الهيئات التنظيمية

إذا حصل ترامب على حكم واسعٍ لصالحه، فقد يمكّنه ذلك من تعميق مساعيه لتوجيه الوكالات لخدمة أهدافه السياسية، وتقليص اللوائح، وحتى استهداف خصومه السياسيين تحت مظلة ما يعرف بـ"نظرية السلطة التنفيذية الموحدة" التي ترى أن الدستور يضع السلطة التنفيذية بأكملها تحت يد الرئيس.

وتحذّر سلوتر، التي تتابع قضيتها من منزلها، من أن منح الرئيس سلطة غير مقيدة في عزل القيادات المهنية يمكن أن يزعزع استقرار الأسواق ويقوّض الغاية الأساسية من إنشاء تلك الوكالات: اتخاذ قرارات قائمة على الخبرة، بعيدًا عن الحسابات السياسية أو اعتبارات المجاملة.

حملة الإقالات وسوابق المحكمة

باشر ترامب حملته على الوكالات بعيد عودته إلى البيت الأبيض، مستهدفًا مسؤولين ديموقراطيين في أكثر من اثنتي عشرة لجنة وهيئة فيدرالية، من بينها لجنة التجارة الفيدرالية وهيئة التنظيم النووي ومجلس النقل السطحي. وجاءت الإقالات على الرغم من وجود قوانين تلزم الرؤساء بعدم عزل هؤلاء المسؤولين إلا في حالات الإهمال أو سوء السلوك.

كما تعارض الخطوة حكمًا تاريخيًا للمحكمة العليا صدر عام 1935، والمعروف بقضية "منفذ همفري"، التي أكدت حق أعضاء الوكالات المستقلة في حماية وظيفية تحدّ من سلطة الرئيس في إقالتهم. وترى إدارة ترامب أن هذا الإطار القانوني لم يعد مناسبًا، وتطالب المحكمة بإلغائه.

وفي مذكرته القانونية، شدد المحامي العام للرئيس، جون ساور، على أن عزل الوكالات التي تمارس صلاحيات تنفيذية عن إشراف الرئيس يتعارض مع بنية الدستور ومبدأ الفصل بين السلطات، معتبرًا أن كبار المسؤولين الذين يصوغون اللوائح يستمدون سلطاتهم من الرئيس نفسه.

ورغم أن المحاكم الأدنى حاولت تعطيل بعض قرارات الإقالة، فإن المحكمة العليا سمحت عبر سلسلة من أحكام الطوارئ هذا العام بتنفيذ معظمها — بما في ذلك إقالة سلوتر — ضمن إشارات يرى فيها الخبراء إرهاصًا لقرار نهائي يمنح الرئيس مساحة أوسع للتحكم في الجهاز الإداري.

مع ذلك، تظل هناك مؤسسات حساسة قد تتردد المحكمة في شمولها بالحكم، مثل مجلس الاحتياطي الفيدرالي. وقد أرجأت المحكمة البت في قضية إقالة ليزا كوك، عضو المجلس، حتى يناير، في خطوة تشير إلى احتمال منح البنك المركزي معاملة مختلفة.

آثار سياسية وتنظيمية ملموسة

بدأت آثار حملة الإقالات تظهر بالفعل في عدة قطاعات. فقد أقال ترامب ثلاثة أعضاء من مجلس إدارة مؤسسة البث العام، في خطوة قوبلت بقلق من المدافعين عن استقلال الإعلام المموّل حكوميًا.

وفي لجنة سلامة المنتجات الاستهلاكية، أسفر عزل الأعضاء الديمقراطيين الثلاثة عن سحب لائحة مقترحة لتنظيم سلامة بطاريات الليثيوم المستخدمة في الدراجات الكهربائية والسكوترات، بعد أن كان الديمقراطيون قد وافقوا عليها سابقًا.

أما لجنة التجارة الفيدرالية، فقد أطلقت بعد الإقالات تحقيقات استهدفت منظمات ليبرالية مثل Media Matters، إضافة إلى فتح ملفات تتعلق بمقدمي خدمات طبية للمتحولين جنسيًا بناءً على ادعاءات اعتبرها خبراء غير مثبتة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق