في مبادرة نوعيّة تؤكد مسؤولية الأزهر الشريف تجاه صون التراث القرآني وحمايته من الاندثار، وجَّه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بالتكفّل بترميم 100 أسطوانة نادرة تضم تسجيلات لم تُذع من قبل لفضيلة الشيخ محمد رفعت، أحد أعظم أصوات دولة التلاوة وأشهر من صدح بالقرآن الكريم في القرن الماضي.
وتُعد هذه الأسطوانات المكتشفة حديثًا كنزًا فنيًا وروحانيًا بالغ الأهمية، إذ تمثل نسبة كبيرة من التسجيلات المتاحة لهذا الصوت الفريد، وسيُتيح ترميمها استعادة 70% من قراءة الشيخ رفعت للمصحف الشريف، بما يعيد للأذهان عبقرية الأداء التي لطالما سُميت بـ"قيثارة السماء".
تحرّك أزهري لحفظ الإرث الصوتي للمقرئين الكبار
جاء هذا التوجيه خلال لقاء فضيلته مع السيدة هناء حسين رفعت، حفيدة الشيخ محمد رفعت، حيث أكد شيخ الأزهر أن المؤسسة الدينية الأعرق في العالم الإسلامي تعتبر حفظ تراث القراء الكبار جزءًا أصيلًا من رسالتها، لما يمثله من قيمة روحية وفنية وثقافية لا تُقدّر بثمن، ولأن صوت الشيخ رفعت تحديدًا يُعد شاهدًا على مرحلة ذهبية في تاريخ التلاوة المصرية التي رسخت لقواعد المدرسة القرآنية المعتبرة.
وشدد الإمام الأكبر على أن الأزهر لن يدّخر أي جهد في توثيق تلاوات الشيخ رفعت ونشرها بالصورة التي تليق بمكانته، وبما يحفظ هذا الإرث الفريد للأجيال القادمة في إطار مشروع علمي وثقافي متكامل يستند إلى أحدث تقنيات الترميم والحفظ الصوتي، حفاظًا على هذه الكنوز قبل أن يطولها التلف أو الضياع.
مشروع شامل لحفظ التراث القرآني
وفي خطوة موازية تعكس رؤية استراتيجية واسعة، وجَّه شيخ الأزهر قيادات المؤسسة إلى دراسة إطلاق مشروع شامل لجمع وحفظ التراث القرآني لكبار المقرئين، بالتعاون مع الجهات المعنية في مصر وخارجها، بهدف استعادة كل ما لم يُنشر من التلاوات النادرة، وتوثيقها ضمن قاعدة بيانات متكاملة تُسهم في تعزيز الهوية القرآنية والحفاظ على مدرسة التلاوة المصرية التي ما زالت تشكل مرجعًا عالميًا في الأداء القرآني.
ويأتي هذا التوجه ليمثل نقلة نوعية في جهود صون التراث الصوتي للأعلام الذين أسهموا في تشكيل الوجدان الديني للمجتمع المصري والعربي، وفي مقدمتهم الشيخ محمد رفعت الذي ظل، رغم مرور عقود على رحيله، رمزًا للجمال الصوتي وأحد أعمدة دولة التلاوة.











0 تعليق