جمعية القرض الحسن.. المؤسسة المالية لحزب الله تحت القصف الإسرائيلي

جمعية القرض الحسن.. المؤسسة المالية لحزب الله تحت القصف الإسرائيلي
جمعية
      القرض
      الحسن..
      المؤسسة
      المالية
      لحزب
      الله
      تحت
      القصف
      الإسرائيلي

شنّ الجيش الإسرائيلي سلسلة من الغارات على عدة مواقع في لبنان، معلنًا استهداف "جمعية القرض الحسن"، التي وصفها بأنها أحد البُنى التحتية المالية لحزب الله. وصرّح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري بأن الجمعية تشارك في تمويل نشاطات حزب الله ضد إسرائيل، مما دفع الجيش إلى استهدافها بشكل مباشر. أثارت هذه الخطوة الجدل مجددًا حول طبيعة عمل الجمعية، التي تواجه عقوبات دولية وتتهمها واشنطن ودول خليجية باستخدام غطاء العمل الخيري لتمويل الحزب.

تأسيس الجمعية وأهدافها الرسمية

تأسست جمعية القرض الحسن عام 1982 عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان، وحصلت على ترخيص رسمي من وزارة الداخلية اللبنانية عام 1987. وفقًا للموقع الإلكتروني للجمعية، تهدف إلى تقديم قروض ميسّرة للمواطنين لمساعدتهم في مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية، وتعزيز التعاون والتكافل بين أفراد المجتمع. وتشير الجمعية إلى أنها لا تميّز في منح القروض على أساس الدين أو الطائفة، وتقدم خدماتها لجميع المواطنين، سواء لتمويل مشروعات إنتاجية أو اجتماعية، أو لتلبية حاجات شخصية مثل شراء السكن أو تمويل الزواج.

تملك الجمعية 31 فرعًا موزعة في بيروت والجنوب والبقاع، وتسعى لتوسيع نشاطها لمواجهة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بلبنان. ويشمل نشاطها تقديم قروض لدعم مشاريع الطاقة الشمسية وتأسيس المشروعات الصغيرة والمتوسطة. إلا أن هذا النشاط الاقتصادي الواسع أثار تساؤلات قانونية ومخاوف دولية حول طبيعة عملها وارتباطاتها المالية بحزب الله.

الاتهامات والعقوبات الدولية على القرض الحسن

تواجه جمعية القرض الحسن عقوبات أمريكية منذ سنوات، حيث تتهمها واشنطن باستخدام التمويل غير الشرعي لدعم حزب الله وتقويض استقرار الدولة اللبنانية. كما صنّفت السعودية الجمعية ضمن "الكيانات الإرهابية" المرتبطة بالحزب. وتتهم الولايات المتحدة الجمعية بأنها تتحايل على القوانين المالية اللبنانية لتقديم خدمات مصرفية لصالح الحزب بعيدًا عن رقابة مصرف لبنان.
 

وفي مقابلة سابقة مع بي بي سي، قال المحامي اللبناني مجد حرب إن الجمعية تعمل في الواقع كـ"مصرف غير قانوني" تحت غطاء العمل الخيري. وأضاف: "الجمعية تتلاعب بالتسميات عبر استخدام مصطلحات مثل "مساهمات" بدلًا من "ودائع"، لتجنّب الخضوع لقوانين البنك المركزي اللبناني". وأكد حرب أن الجمعية تقدم خدمات مصرفية فعلية من خلال إقراض الأموال التي تجمعها، وهو ما يعتبر نشاطًا مصرفيًا غير قانوني دون ترخيص من مصرف لبنان.

دفاع قانوني: "عمل مرخّص من وزارة الداخلية"

في المقابل، تنفي الجمعية والجهات القريبة منها هذه الاتهامات، وتؤكد أن عملها مرخص من وزارة الداخلية اللبنانية منذ عام 1987 بموجب "علم وخبر 217/أ.د". ووفقًا لموقع العهد الإخباري، نقل خبير قانوني مطّلع أن هناك العديد من الجمعيات في لبنان تقدم قروضًا دون ترخيص مصرفي، مشيرًا إلى أن القرض الحسن ليست استثناء. وأوضح الخبير أن الجمعية لجأت إلى دعم الأفراد الميسورين لتأمين التمويل اللازم لمنح القروض للمحتاجين، معتبرًا ذلك شكلاً من أشكال التكافل الاجتماعي.

توسع الجمعية في ظل الأزمة الاقتصادية

رغم العقوبات والتوترات السياسية، وسّعت جمعية القرض الحسن من أنشطتها خلال عام 2023، عبر افتتاح فروع جديدة في مناطق مختلفة. جاء هذا التوسع استجابةً للطلب المتزايد على القروض في ظل الأزمة الاقتصادية الحادة التي يعاني منها اللبنانيون. ومع ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، أصبحت الجمعية ملاذًا أساسيًا للكثير من المواطنين الذين لا يستطيعون الحصول على قروض من البنوك التقليدية، نظرًا للشروط الصارمة التي تفرضها المصارف.

استهداف إسرائيلي وأبعاد سياسية

جاء استهداف الجمعية ضمن تصعيد إسرائيلي جديد ضد حزب الله، ما يعكس محاولة لتقويض البنية المالية للحزب في ظل التوترات الإقليمية المتصاعدة. ويُعد استهداف مؤسسات ذات طابع مالي رسالة واضحة بأن إسرائيل تسعى إلى تضييق الخناق على حزب الله ليس فقط عسكريًا، ولكن أيضًا اقتصاديًا. ورغم أن الجمعية ليست مصرفًا رسميًا، إلا أن نشاطها المالي الواسع يجعلها هدفًا استراتيجيًا في إطار المواجهة بين إسرائيل وحزب الله.

 بين النقد الداخلي والاستهداف الخارجي

يبقى دور جمعية القرض الحسن مثيرًا للجدل داخل لبنان وخارجه. ففي الداخل، تنقسم الآراء بين من يرى أن الجمعية توفر دعمًا حقيقيًا للمجتمع اللبناني في ظل غياب الدولة، ومن يعتبرها واجهة مالية لحزب الله تستغل العمل الخيري لتعزيز نفوذ الحزب. أما على الصعيد الخارجي، فتظل الجمعية تحت مراقبة دولية مشددة، في ظل الاتهامات بأنها تسهم في تمويل أنشطة غير شرعية تهدد استقرار المنطقة. ومع استمرار الضغوط السياسية والاقتصادية على لبنان، يبقى السؤال: هل ستستمر القرض الحسن في أنشطتها وسط هذه التحديات، أم سيؤدي الاستهداف الإسرائيلي إلى تحجيم دورها؟

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق "حماة الوطن": رد إسرائيل على إيران سيكون محدودا ولن يشمل منشآت نووية أو نفطية
التالى CNN: اغتيال السنوار "لن يُساهم" في وقف إطلاق النار بغزة