يتساءل كثير من الناس عن سبب انجذاب البعض إلى تناول الأطعمة الحارة، رغم المعاناة الواضحة التي تسببها على الفور، من دموع وسيلان أنف وتعرق زائد، وحتى إحساس بالحرق في الفم والحلق، إلا أن هناك جانبًا علميًا يفسر هذا الحب الغريب للأطعمة الحارة.
فالمسألة لا تتعلق بالذوق وحده، بل تتعلق بمادة كيميائية محددة موجودة في الفلفل الحار، تُعرف باسم الكابسيسين، وهي العنصر النشط الذي يجعل أي طعام حار يتسم بهذا التأثير القوي والمباشر على الجسم، حيث تعمل هذه المادة على الجهاز العصبي من خلال مستقبلات خاصة في اللسان والحلق والجلد، دون أن تدخل في دور براعم التذوق التقليدية، بحيث يشبه الجسم أن تناول الطعام الحار يشبه تناول شيء مؤذي يجب التخلص منه سريعًا.
مستقبلات الألم: كيف يستجيب الجسم للأطعمة الحارة
يقول الدكتور ليام براون، الأستاذ المشارك في جامعة كاليفورنيا والمتخصص في علم الأعصاب، إن الكابسيسين يرتبط بمستقبل معين يسمى TRPV1، وهو موجود ضمن فئة متخصصة من الخلايا العصبية تعرف بـ مستقبلات الألم، التي تكشف عادة عن أي عوامل قد تلحق الضرر بالجسم، وتتصرف كإنذار داخلي يحذر الجسم من المخاطر المحتملة، مما يؤدي إلى تنشيط أجزاء من الجهاز العصبي اللاإرادي، الذي يتحكم في وظائف جسدية لا إرادية مثل التعرق وسيلان الأنف ورفع معدل ضربات القلب، وكلها علامات تحاول مساعدة الجسم على التخلص من المادة المهيجة بأسرع وقت ممكن.
لماذا يستمتع البعض بالحرارة المؤلمة؟
على الرغم من الألم الواضح، فإن تناول الطعام الحار يطلق في الدماغ إندورفينات طبيعية، وهي مسكنات ألم طبيعية تمنح شعورًا بالمتعة والنشوة المؤقتة، وهو ما يفسر لماذا يصر البعض على تناول الأطعمة الحارة بشكل متكرر، رغم أنها تسبب لهم الألم فورًا.
كما أن الكابسيسين ليس وحده المسؤول، فمكونات أخرى في أطعمة مثل الفلفل الأسود والخردل والوسابي والفجل تنشط مستقبلات مختلفة مثل TRPA1 وTRPM8، مما يضيف تنوعًا في الإحساس الحراري المؤلم والممتع في الوقت نفسه.
متعة الألم ضمن تجربة الطعام
إذا، يمكن القول إن حب الطعام الحار ليس مجرد جنون بالذوق، بل تجربة حسية معقدة تتضمن الألم والمتعة معًا، حيث يعمل الكابسيسين على تنشيط مستقبلات الألم وإطلاق استجابات فسيولوجية قوية، وفي الوقت نفسه تحفز الدماغ على إفراز مواد تمنح شعورًا بالراحة والمتعة، ليصبح تناول الطعام الحار تجربة غريبة تجمع بين الألم والمتعة في آن واحد.















0 تعليق