الأميرة فريال.. من ذهب العرش إلى بساطة الحياة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في قلب واحدة من أكثر الفترات اضطرابًا في تاريخ مصر الحديث، ولدت الأميرة فريال فاروق ابنة آخر ملوك مصر، لتكون شاهدة على نهاية عصر وبداية آخر، لم تكن حياتها مجرد سيرة أميرة تنتمي لأسرة مالكة، بل حكاية إنسانية عميقة تحمل في داخلها آثار التحولات السياسية والاجتماعية التي غيرت ملامح البلاد في منتصف القرن العشرين.

بداية ملكية في قصر عابدين

ولدت الأميرة فريال في 17 نوفمبر 1938 داخل أسوار قصر عابدين، لتكون أولى بنات الملك فاروق الأول والملكة فريدة، استقبلتها العائلة المالكة بفرحٍ كبير، وأُقيمت لها احتفالات رسمية وشعبية، إذ رأى المصريون في ميلادها وجهًا جديدًا للأسرة الحاكمة، خاصة وأن الملك فاروق كان لا يزال شابًا في بداية حكمه.

نشأت فريال في القصور الملكية بين القاهرة والإسكندرية، وتلقت تعليمًا راقيًا على يد مربيات متخصصات، إلى جانب تدريبها على اللغات والفنون والآداب، ومع أن طفولتها بدت مثالية من الخارج، فإن ظل السياسة كان يخيم على حياتها منذ السنوات الأولى.

المنفى.. انتقال من ذهب العرش إلى بساطة الحياة

جاءت ثورة يوليو 1952 لتضع حدًا لحياة القصور، فغادرت الأميرة فريال مع أسرتها إلى المنفى وهي لم تتجاوز الرابعة عشرة من عمرها، كانت تلك اللحظة بداية صفحة جديدة، انتقلت فيها من أضواء الملكية إلى واقع أبسط بكثير، مليء بالتحديات والضغوط.

استقرت الأسرة في البداية في إيطاليا، ثم انتقلت بين عدة دول بحثًا عن الاستقرار، وخلال تلك السنوات، أظهرت فريال قوة شخصية لافتة، إذ واصلت تعليمها، ثم اتجهت لاحقًا للعمل في مهنة التدريس لتأمين دخل يساعد الأسرة على مواجهة أعباء الحياة بعد مصادرة ممتلكاتها في مصر.

ورغم محنة المنفى، لم تعرف عن الأميرة فريال أي محاولة للتدخل في السياسة أو السعي لاستعادة الحكم، بل اختارت حياة هادئة بعيدة عن الصراعات، مكتفية بأن تكون شاهدة على زمن مضى دون أن تحمله في قلبها بوصفه حنينًا مريرًا.

ارتباط وثيق بمصر رغم البعد

على الرغم من حرمانها من العودة إلى مصر لسنوات طويلة، ظل ارتباط الأميرة فريال بوطنها قويًا، كانت تتابع أخباره وتحتفظ بصور العائلة وتاريخها، وتستقبل الزوار المصريين في الخارج بكل حب ودفء، وكانت تؤمن أن الإنسان لا يفقد وطنه بمجرد خروجه، بل بفقده الإحساس بالانتماء، وهو ما لم يحدث لها أبدًا.

وفي عام 1974، سمح لها بزيارة مصر لأول مرة منذ الثورة، فشاركت في جنازة جدتها الملكة نازلي، كانت تلك الزيارة لحظة إنسانية فارقة استعاد فيها التاريخ بعضًا من هدوئه.

نهاية هادئة لحياة مليئة بالتحولات

عاشت الأميرة فريال حياة بسيطة في سويسرا خلال سنواتها الأخيرة، حتى رحلت في 2009 بعد صراع مع المرض، ورغم أنها غادرت بعيدًا عن القصور والأضواء، بقيت سيرتها مثالًا على الصبر والكرامة، وعلى قدرة الإنسان على التكيف مع التحولات الكبرى دون أن يفقد جوهره.

أميرةٌ ولدت فوق العرش وعاشت بعيدًا عنه

تبقى الأميرة فريال واحدة من الشخصيات التي تلخص قصة مصر في منتصف القرن الماضي، أميرة عاشت وهج البدايات، وعايشت سقوط الملكية، واستقبلت المنفى بثبات، ورحلت وهي تحمل حبًا عميقًا لوطن لم تغادره يومًا في قلبها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق