في عصر التكنولوجيا والإنترنت، بات الرهان الإلكتروني أكثر من مجرد هواية ترفيهية، إذ تحولت بسرعة إلى مشكلة اجتماعية وصحية مقلقة، يمكن أن تعادل في أضرارها الإدمان على المخدرات القوية مثل الهيروين والكوكايين، حيث ينجذب الأفراد إلى الإثارة الرقمية المتواصلة ويقعون في فخ التعلق النفسي والمالي، ما يجعل من الصعب عليهم التوقف عن المراهنة حتى أمام الخسائر المتكررة والمستمرة.
كيف يتحول اللعب إلى إدمان نفسي
الرهان الإلكتروني ليس مجرد رهان عابر، بل هي عملية معقدة تعتمد على آليات نفسية مشابهة لتلك الموجودة في إدمان المخدرات، إذ تحفز الدماغ على إفراز الدوبامين بشكل مستمر، ما يولد شعورًا بالسرور المؤقت والإثارة، ومع مرور الوقت يصبح توقف اللاعب شبه مستحيل، إذ تتفاقم الحاجة إلى المزيد من المخاطر والمراهنات لتعويض الفراغ النفسي أو الشعور بالإثارة، وهو ما يضعه في دائرة مفرغة من الإدمان المستمر والضغط النفسي المستعصي على السيطرة.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للإدمان الرقمي
لا يقتصر تأثير المراهنات الإلكترونية على الصحة النفسية فقط، بل يمتد ليطال الجوانب الاقتصادية والاجتماعية للفرد والأسرة، إذ يشهد المجتمع ارتفاع حالات الديون وفقدان المدخرات، إلى جانب تراجع الأداء الدراسي أو المهني، وظهور صراعات أسرية حادة، مما يجعل هذا النوع من الإدمان أكثر خطورة من مجرد هواية عابرة، فهو يشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار المالي والاجتماعي للأفراد والمجتمع.
الحلول والتدخل المبكر
مواجهة هذا الإدمان الرقمي تتطلب استراتيجيات متعددة تشمل التوعية الشاملة بخطورة المراهنات الإلكترونية، وتقديم الدعم النفسي المتخصص للمدمنين، وإيجاد بدائل صحية للتنفيس عن التوتر والبحث عن الإثارة، بالإضافة إلى تطوير برامج رقابية وتقنينية للحد من انتشار هذه الممارسات، بحيث يمكن الحد من أضرارها قبل أن تتحول إلى أزمة نفسية واجتماعية واقتصادية متفشية.
مواجهة الإدمان الرقمي بوعي ومتابعة
الرهان الإلكتروني، رغم شكلها البريء المبدئي، تحمل في طياتها آثارًا مدمرة قد تعادل تأثير المخدرات على الصحة النفسية والجسدية، وهو ما يستلزم وعيًا مجتمعيًا عميقًا ومبادرات فورية للحد من تفشي هذه الظاهرة، لأن الوقت المبكر للتدخل هو العامل الحاسم لإنقاذ الأفراد من الوقوع في مستنقع الخسائر النفسية والمالية والاجتماعية المستمرة.

















0 تعليق