حذرت منظمة الصحة العالمية من تفشي محتمل للحمى النزفية الفيروسية في إثيوبيا، وذلك بعد تسجيل ثمان حالات مشتبه بها حتى نوفمبر 2025 في مدينة جنكا بإقليم جنوب البلاد قرب الحدود مع كينيا، وأكدت المنظمة أن هذه الحالات تخضع حاليًا للفحوصات المخبرية لتحديد نوع الفيروس بدقة، وسط مراقبة حذرة ورفع حالة الاستنفار والاستجابة السريعة من قبل السلطات الصحية الإثيوبية.
ويطرح هذا الوضع تساؤلات حول طبيعة الحمى النزفية، ومدى تأثير تفشي هذا المرض على مصر والمنطقة العربية.
تعريف الحمى النزفية الفيروسية حسب منظمة الصحة العالمية
حسب منظمة الصحة العالمية فإن الحمى النزفية الفيروسية هي مجموعة من الأمراض التي تتراوح شدتها من خفيفة إلى شديدة تهدد الحياة، وتتميز بالظهور المفاجئ للحمى، آلام العضلات والمفاصل، والنزيف، وفي الحالات المتقدمة قد يحدث فقدان شديد للدم يصل إلى صدمة حادة، ويظهر النزيف من الفتحات والأعضاء الداخلية كأحد أبرز أعراض الحالات الخطيرة.
الحميات النزفية الفيروسية في إقليم شرق المتوسط
في إقليم شرق المتوسط، تشمل الحميات النزفية الفيروسية الأساسية الحمى الصفراء، وحمى الوادي المتصدع، وحمى الضنك، وحمى القرم-الكونغو، إضافة إلى فيروس الإيبولا، وتنتقل العدوى بطرق متعددة، أبرزها المخالطة المباشرة مع المرضى أو ملامسة سوائل أجسامهم، لسعات الحشرات مثل البعوض والقراد، التلامس مع القوارض، ممارسات الذبح، واستهلاك اللحوم النيئة أو الحليب غير المبستر من الحيوانات المصابة، بالإضافة إلى ضعف مكافحة العدوى في المستشفيات.
ومن جانبها أكدت المنظمة أن هذه الفيروسات الناشئة تشكل خطرًا عالميًا، بسبب ارتفاع معدلات الوفيات، ونقص اللقاحات والأدوية المضادة لمعظمها، باستثناء الحمى الصفراء، كما يؤدي التأخر في التشخيص والممارسات غير الملائمة لمكافحة العدوى في المستشفيات، وضعف برامج مكافحة نواقل المرض، إلى استمرار الفاشيات لفترات أطول وزيادة حجمها.
خطر انتشار الحمى النزفية في مصر والشرق الأوسط منخفض جدًا
أما عن الوضع في مصر والمنطقة العربية، فقد أكد الدكتور فادي عطية، الأستاذ في الفيروسات الطبية والمناعة وأمراض الدم في تصريحه لـ "الدستور"، أن خطر انتشار الحمى النزفية في مصر والشرق الأوسط منخفض جدًا، قائلًا أن الحمى النزفية مرتبطة بالمناطق الحارة في وسط وجنوب أفريقيا، حيث ضعف البنية التحتية الصحية، وانتشار البعوض والحيوانات الناقلة للمرض، كما أكد أن هذا الفيروس بعيدًا تمامًا عن مصر والشرق الأوسط، ولم تُسجل أي حالة في مصر أو الدول المجاورة.
وأضاف "عطية" أن الحمى النزفية تصيب الدم وتسبب نزيفًا حادًا من الجلد والأنف والفم وفتحة الشرج، وفي حالة عدم التدخل الطبي قد تصل نسبة الوفاة إلى 30–32%، خاصة في الدول التي تعاني من ضعف الرعاية الصحية.
كما لفت أستاذ الفيروسات الطبية والمناعة وأمراض الدم، إلى أن الوضع الصحي المتقدم في مصر، ونظام المراقبة المستمر للأمراض المعدية، يجعل من المستحيل تقريبًا تفشي الحمى النزفية داخل البلاد، مؤكدًا أهمية متابعة الأخبار الصحية من مصادر موثوقة واتباع الإجراءات الوقائية عند السفر إلى المناطق المتأثرة.
الوضع في إثيوبيا
ويُذكر أنه حتى الآن يقتصر الوضع في إثيوبيا على هذه الثماني حالات المشتبه بها، مع تطبيق إجراءات وقائية مكثفة تشمل تجهيز وحدات عزل طبية ومعدات حماية للعاملين في القطاع الصحي، إلى جانب فرق تتبع المخالطين وإجراء الفحوصات المخبرية السريعة، وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن نتائج هذه الفحوصات ستحدد فيما إذا كان العدد سيزداد أو ينخفض، مع متابعة مستمرة للوضع الميداني.
وتشير التقارير إلى أن أمراض مشابهة في مناطق أخرى من العالم، مثل حمى الضنك في أمريكا اللاتينية، سجلت إصابات بالملايين ووفيات بالآلاف، مما يعكس خطورة فيروسات الحمى النزفية بشكل عام، وبالرغم من المخاطر العالمية، تظل سرعة الاستجابة والتدابير الوقائية المكثفة عاملًا حاسمًا في الحد من انتشار المرض في إثيوبيا.
جهود منظمة الصحة في الوقاية العالمية
تواصل منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع السلطات الصحية الإثيوبية تعزيز إجراءات العزل الطبي، تتبع المخالطين، والفحص السريع للحالات المشتبه بها، كما يتم تكثيف حملات التوعية حول الوقاية من لسعات الحشرات، تجنب الاتصال المباشر بسوائل المرضى أو الحيوانات، وتحسين الرصد الوبائي للكشف المبكر عن أي حالات جديدة.
ورغم المخاوف من إمكانية تحول الحمى النزفية إلى وباء واسع، يؤكد الخبراء أن المراقبة الدقيقة والتدخل المبكر يمنحان الأمل في السيطرة على الوضع، بينما يظل الوضع في مصر والشرق الأوسط مستقرًا وبعيدًا عن أي خطر محتمل، وفق ما أكدت الجهات الصحية والمنظمات الدولية.
كما دعمت المنظمة جهود السيطرة على المرض بمبلغ 300 ألف دولار من صندوق الطوارئ، لتجهيز وحدات عزل طبية ومعدات حماية للعاملين في القطاع الصحي، بما يعزز سرعة الاستجابة والحد من انتشار المرض، ورغم أن عدد الإصابات المؤكدة أو الوفيات لم يُعلن بعد، إلا أن التدابير الوقائية المكثفة تهدف إلى منع تفشي المرض خارج المناطق الموبوءة.















0 تعليق