أكد الخبير القانوني فهد مرزوق في تصريح خاص لـ "الدستور" أن صدور قانون الإجراءات الجنائية الجديد يعد خطوة جوهرية نحو تحقيق العدالة الناجزة وضمان التوازن بين حق المجتمع في ملاحقة الجناة، وحق الأفراد في الحرية وصون كرامتهم، مشيرا إلى أن القانون جاء ليعيد صياغة فلسفة العدالة الجنائية في مصر على أسس أكثر إنصافا ومرونة.
القانون وضع ضوابط دقيقة على الحبس الاحتياطي
وأوضح مرزوق أن القانون وضع ضوابط دقيقة على الحبس الاحتياطي، باعتباره إجراء استثنائيا لا يلجأ إليه إلا في أضيق الحدود، مع إقرار بدائل قانونية تكفل حضور المتهم دون المساس بحريته، مثل الإفراج بكفالة أو المراقبة الإلكترونية أو تحديد الإقامة الجغرافية، مؤكدا أن ذلك “يعيد الاعتبار لمبدأ أن الأصل في الإنسان البراءة”.
المشرع أجاز الحبس الاحتياطي عند الضرورة كحماية التحقيق من العبث بالأدلة أو التأثير على الشهود
وأضاف أن الحبس الاحتياطي هو في جوهره إجراء شاذ وخطير لأنه يسلب حرية المتهم قبل صدور حكم قضائي نهائي، رغم أن الأصل هو ألا تقيد حرية الإنسان إلا تنفيذا لحكم واجب النفاذ، موضحا أن المشرع أجازه فقط عند الضرورة، كحماية التحقيق من العبث بالأدلة أو التأثير على الشهود أو خشية هروب المتهم.
وأشار إلى أن القانون الجديد يعزز دور القضاء في الرقابة على قرارات الحبس والتجديد، ويلزم النيابة العامة بعرض القضايا المحبوس أصحابها احتياطيا دوريا كل ثلاثة أشهر على النائب العام لمراجعة مبررات استمرار الحبس، وهو ما يمثل نقلة نوعية في تحقيق العدالة السريعة وضمانات المحاكمة المنصفة.
وأوضح مرزوق أن الإفراط في استخدام الحبس الاحتياطي في فترات سابقة كان يتعارض مع روح العدالة، مؤكدا أن القانون الجديد سيحد من هذا الأمر، ويجعل اللجوء إليه مقصورا على الجرائم الجسيمة فقط، كما هو معمول به في بعض التشريعات الأوروبية التي لا تجيز الحبس الاحتياطي إلا إذا تجاوزت العقوبة حدا معينا.

وختم تصريحه قائلا:“إن هذا القانون يمثل انتصارا حقيقيا للحقوق والحريات، لأنه لا يكتفي بحماية المجتمع من الجريمة، بل يحمي المتهم من التعسف، ويوازن بين الردع والرحمة، وبين الصرامة القانونية وضمان الكرامة الإنسانية، وهو بذلك خطوة مهمة في مسار بناء الجمهورية الجديدة على أساس من العدالة وسيادة القانون











0 تعليق