رحل، صباح أمس الأربعاء الأستاذ الدكتور أحمد شوقى، العالم الفذ، والعالم المخلص، الذى وجدته دائمًا ما يحرص على بناء جسور المعرفة. الدكتور أحمد شوقى الذى ترك إرثًا يضىء طريق العلم والحياة الإنسانية. لم يكن مجرد أستاذ جامعى، بل كان رمزًا للعلم والحكمة والالتزام بالقيم التى تصنع مجتمعًا أفضل.
كانت مكانته العلمية ثمرة سنوات طويلة من الاجتهاد والدراسة، بدأها فى كلية الزراعة بجامعة الزقازيق، ثم واصل تخصصه فى علم الوراثة؛ ليكون صاحب خبرة عالمية ورؤية علمية رصينة. أسس قسم الوراثة بجامعة الزقازيق، ودرّس لأجيال من الباحثين، وأسهم فى بناء قاعدة علمية قوية، جعلت منه أحد أبرز أعمدة الوراثة فى مصر، ومرجعًا لكل من يبحث عن المعرفة الدقيقة والتطبيق العلمى.
لم يقتصر دوره على التدريس والبحث العلمى، بل امتد إلى الريادة فى توطين تقنيات الوراثة والهندسة الجينية فى مصر، ليضع حجر الأساس لمشاريع بحثية متقدمة، ويخلق بيئة أكاديمية تشجع الإبداع والابتكار. كان دائمًا يؤكد أن العلم ليس ترفًا أو امتيازًا، بل مسئولية تجاه المجتمع، وأن المعرفة الحقيقية هى التى تترجم إلى تأثير ملموس فى حياة الناس.
دكتور أحمد شوقى، كما عرفته، يمثل صوتًا حضاريًا فى نشر الثقافة العلمية وعلم المستقبليات، مشجعًا للشباب على التفكير النقدى والعلمى لمواجهة التحديات المقبلة. دائمًا ما كان يصر على أن الثقافة العلمية جزء لا يتجزأ من التنمية، وأن الانفتاح على المستقبل يبدأ بالإلمام بالعلوم والمعرفة، وأن التعليم الجيد السبيل لبناء مجتمع واعٍ وقادر على مواجهة التغيرات العالمية.
كان له دور بارز فى تعزيز قيم الحوار والتسامح والمواطنة، من خلال مشاركته الفاعلة مع منتدى حوار الثقافات بالهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية. لم أره فقط مجرد متحدث، بل كان جسرًا بين الفكر والعقل، وبين الثقافات والأديان، مؤكدًا أن الاختلاف ليس تهديدًا، بل فرصة للتعلم والمشاركة والتعاون، وأن المواطنة الحقيقية تقوم على احترام الاختلاف والالتزام بالقيم الإنسانية.
رحيله ليس مجرد فقدان لعالم وإنسان، بل فقدان لرجل جمع بين العقل والضمير، وبين العلم والأخلاق، وبين المعرفة والعمل المجتمعى. ترك وراءه أجيالًا من العلماء والباحثين المستمرين فى مواصلة المسيرة، ومجتمعًا تعلم من صبره وهدوئه وحكمته، أن القوة الحقيقية فى العلم تكمن فى القدرة على نشر المعرفة وإحداث فرق إيجابى لقيمة مضافة فى المجتمع.
نقطة ومن أول الصبر..
ما تركه الدكتور أحمد شوقى يؤكد أن العلم بلا قيمة إنسانية يكون غير مكتمل، وأن المعرفة الحقيقية تتحقق عندما تخاطب القلب والعقل معًا. عاش حياته نموذجًا إنسانيًا. وبناء عليه، كانت رسالته أن الجدارة الحقيقية لا تقاس بالمكانة والمناصب العلمية وحدها، بل بالقدرة على تحويل العلم إلى خدمة الإنسانية.
الله يرحمك والبقاء لله















0 تعليق