في اكتشاف مثير للجدل، توصل فريق علمي إلى نتائج جديدة حول الحالة الجينية لأدولف هتلر، بعد تحليل الحمض النووي المنسوب إليه، لتكشف الدراسة عن إصابته باضطراب نادر ربما كان له تأثير مباشر على تكوينه الجسدي والنفسي، التحليل سيُعرض تفصيلًا في الفيلم الوثائقي «الحمض النووي لهتلر: مخطط ديكتاتور» عبر قناة Channel 4 البريطانية.

وأشار إلى أن هتلر كان يعاني من متلازمة كالمان، وهي حالة جينية تؤدي إلى تأخر أو اضطراب في عملية البلوغ، مما قد يفسر الصعوبات التي واجهها في بناء علاقات حميمة أو عاطفية طبيعية، ووفقًا للفريق العلمي، جرى الحصول على العينة المستخدمة في التحليل من قطعة قماش ملوثة بالدماء، تم قصها من الأريكة التي أقدم عليها هتلر على الانتحار في عام 1945، بواسطة ضابط أمريكي كان ضمن القوات التي دخلت برلين في نهاية الحرب العالمية الثانية.

النتائج لم تقتصر على الجانب الجسدي فحسب، بل تطرقت إلى الجوانب النفسية والعصبية، إذ رجّحت الدراسة أن الزعيم النازي ربما كان مصابًا بإحدى حالات التنوع العصبي أو اضطرابات الصحة النفسية مثل التوحد، أو الفصام، أو الاضطراب ثنائي القطب، دون إمكانية الجزم بمدى ظهور هذه الأعراض عليه في حياته.
البروفيسورة توري كينغ، المتخصصة في علم الوراثة، والتي اشتهرت سابقًا بتحديد هوية رفات الملك ريتشارد الثالث، كانت من أبرز المشاركين في المشروع، وأعربت عن ترددها قبل الانخراط فيه، قائلة: «ترددت كثيرًا قبل المشاركة، لكني أدركت أن هذه الدراسة ستُجرى عاجلًا أم آجلًا، وفضلت أن تُنفذ بمنهجية علمية صارمة. الامتناع عن ذلك كان سيمنح شخصية مثل هتلر نوعًا من القداسة لا تستحقه».
وأضافت تعليقًا لافتًا: «لو كان هتلر على علم بتركيبته الجينية، فربما كان سيرسل نفسه إلى غرف الغاز»، وتشير بعض الشهادات التاريخية إلى أن هتلر تعرض في شبابه للسخرية بسبب مشكلات تتعلق بأعضائه التناسلية، وهي ملاحظات تتقاطع مع ما كشفه التحليل الجيني، حيث تبين أن حاملي هذه المتلازمة أكثر عرضة للإصابة بحالة صغر القضيب بمعدل أعلى بعشر مرات من غيرهم.
كما دعمت هذه النتائج تقارير طبية سابقة تعود لعام 1923، كشفت في عام 2015، تؤكد إصابته بما يُعرف بـ«الخصية غير النازلة».
المؤرخ أليكس جاي كاي، المتخصص في الحقبة النازية، أوضح أن تلك الاضطرابات قد تفسر جانبًا من شخصية هتلر الانعزالية، قائلًا: «بينما كان كبار النازيين يعيشون حياة أسرية أو علاقات خاصة، ظل هتلر استثناءً واضحًا، مكرسًا كل طاقته للمسار السياسي. ربما ساهمت حالته الجسدية والنفسية في هذا التفرغ المفرط للسلطة».
التحليل الجيني الجديد فنّد أيضًا الادعاءات القديمة التي ربطت أصول هتلر باليهودية، مؤكدًا عدم وجود أي مؤشرات جينية تدعم تلك الفرضية أو تبرهن على انحداره من جد يهودي.
وفي الجانب النفسي، شدد الباحث أليكس تسومبانيديس من جامعة كامبريدج على ضرورة التعامل بحذر مع هذه النتائج، موضحًا أن التركيبة الجينية لا تكفي وحدها لتشخيص الحالات العقلية: «قد تكون جينات هتلر قد ساهمت في تشكيل شخصيته، لكن لا يمكن بناء استنتاجات طبية قاطعة على أساسها فقط».
أما البروفيسور سيمون بارون كوهن، عالم النفس المعروف، فقد اختتم تعليقاته بالتحذير من إساءة استخدام هذه النتائج في وصم الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات مماثلة، مؤكدًا أن: «السلوك الإنساني لا يمكن تفسيره عبر الجينات وحدها. الغالبية الساحقة من المصابين باضطرابات عصبية أو نفسية ليسوا عدوانيين ولا قساة، بل على العكس، كثيرون منهم يتمتعون بقدر عالٍ من الحس الإنساني».
وهكذا، يفتح هذا التحليل بابًا جديدًا لفهم شخصية هتلر من منظور بيولوجي ونفسي، لكنه في الوقت ذاته يثير تساؤلات أخلاقية حول حدود البحث العلمي حين يتعلق بشخصيات مثيرة للجدل في التاريخ الإنساني.












0 تعليق