أكد الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق وشيخ الطريقة الصديقية الشاذلية، أن الإسلام يربّي أبناءه على القوة والإيجابية، ويدعو إلى مساعدة الضعفاء حتى يبلغوا مراتب القوة، موضحًا أن العجز مذموم، خصوصًا إذا كان في عبادة الله أو عمارة الأرض أو تزكية النفس.
وأشار جمعة، عبر صفحته الرسمية قائلاً خلال كلمته التي تناول فيها مفهوم القوة والإنجاز في ضوء القيم الإسلامية، إلى أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حثّ المسلمين على السعي الدائم نحو التقدّم، ولكن مع الالتزام بالأخلاق والقيم، مستدلًا بحديثه الشريف: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير.
وأضاف، أن المؤمن العاجز خير من الفاجر القوي عند الله، وينبغي أن يكون كذلك عند الناس، لأن المؤمن يمتلك منظومة من القيم والأخلاق التي تمثل أساس الحضارة الحقيقية.
وأوضح مفتي الجمهورية الأسبق، أن مبدأ الإنجاز المذموم هو ذلك الذي يجعل النتائج والمكاسب المادية معيارًا وحيدًا للتقييم، مع تجاهل القيم والثوابت الدينية، مؤكدًا أن الإسلام لا يرفض الإنجاز، بل يأمر به إذا كان منضبطًا بالأخلاق والضمير.
وفي حديثه عن النماذج التاريخية التي تجسد هذا المفهوم، ضرب جمعة مثالًا بـ قوم عاد الذين افتتنوا بإنجازاتهم المادية وقوتهم الجسدية، فأنكروا رسالة نبيهم هود عليه السلام، وقالوا مستكبرين: {إِنْ هَذَا إِلَّا خُلُقُ الأَوَّلِينَ}.
وأضاف: "لقد جعلوا الإنجاز قرين القوة، والعجز قرين التقوى، فهلكوا حين نسوا أن الله هو مصدر كل نعمة ومنحة".
وتابع قائلًا: "يبدو أننا في زماننا دخلنا دائرة التشبه بعاد؛ عبثٌ وإنجازٌ بلا قيم، وقوةٌ بلا تقوى، فصار التقدّم المادي معيارًا للنجاح ولو خالف الأخلاق".
وأكد أن الله لا يحب أن يتقدّم الفاجر القوي على العاجز التقي، ولا أن يستمر التقي في عجزه، مشددًا على ضرورة تحقيق التوازن بين القوة المادية والقوة القيمية.
واختتم الدكتور علي جمعة حديثه بقوله: على المسلم أن يقدّم الكيف على الكم، والتقوى على الإنجاز، والإنسان على البنيان، لأن الحضارة الحقيقية تبدأ من بناء الإنسان لا الحجر"، داعيًا الله أن يرزق الأمة الرشد والصواب، وأن يجعلها دائمًا في ميزان القوة المقرونة بالتقوى.















0 تعليق