أستاذ تاريخ: الألحان القبطية والنوبية حفظت جوهر الموسيقى المصرية القديمة

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قالت الدكتورة فاتن صلاح سليمان، أستاذ تاريخ العمارة والتراث، إن المصري القديم كان يتعلم من الطبيعة ويستلهم منها الإبداع، فكان يلاحظ أصوات الطيور والحيوانات ويتأثر بها، حتى ابتكر واحدة من أقدم الآلات في التاريخ وهي آلة الناي، إلى جانب الأرغول والمزمار وغيرها من آلات النفخ التي استخدمها في الحقول والمناسبات.

وأوضحت خلال لقاء ببرنامج "هذا الصباح"، المذاع على قناة "إكسترا نيوز"، أن الموسيقى لم تغب عن أي جانب من حياة المصري القديم، فكانت حاضرة في العمل والاحتفالات والأفراح والطقوس الدينية وحتى الجنائز.

وأضافت أن المصريين القدماء عرفوا السلالم الموسيقية الخماسية والسباعية، وابتكروا تنويعات صوتية متطورة تشبه إلى حد كبير الموسيقى النوبية الحالية، كما تنوّعت الآلات بين آلات النفخ كالناي والمزمار المزدوج، وآلات وترية كالقيثارة والهارب، إضافة إلى الآلات الإيقاعية كالدفوف والطبول والصلصلات التي ارتبطت بالإلهة حتحور، ربة الموسيقى والبهجة.

وأشارت الدكتورة فاتن إلى أن المصري القديم مزج بين الفن والعمارة والموسيقى في رؤية فلسفية خالدة، تعكس فهمه العميق للعلاقة بين الحياة والموت، فالتدرج المعماري في المعابد يقابله التدرج الموسيقي في السلالم والتونات، وكلاهما يعبر عن رحلة الروح نحو السمو.

وأكدت أن فكرة "حضارة الموت" غير دقيقة، لأن المصري القديم كان محبًا للحياة، فاعتبر أن الموت استمرار لها في صورة أبدية، ولهذا رسم على جدران المقابر مشاهد موسيقية لعازفين وزوجات يعزفن للأزواج في الحياة الأخرى.

وأضافت أن المصريين لم يدونوا النوت الموسيقية، بل نقلوها شفهيًا بالتلقين والسماع من جيل إلى آخر، موضحة أن العلماء استدلوا على السلالم الموسيقية من خلال عدد الثقوب في الناي أو الأوتار في القيثارة والهارب، مؤكدة أن كثيرًا من الألحان القبطية الحالية تعود جذورها إلى الموسيقى المصرية القديمة، مثل اللحن السنجاري والإتريبي، التي كانت ترتبط بمدن فرعونية قديمة واحتُفظ بها في الطقوس الكنسية.

وتحدثت عن دور المعابد التي صُممت بعناية لتضخيم الصوت وخلق حالة من الصدى الروحاني، جعلت المصريين يشعرون كأنهم يسمعون "الصوت الإلهي"، موضحة أن المرنّمات في المعابد كنّ شخصيات مرموقة تُدوّن أسماؤهن تكريمًا لدورهن في التقوص الدينية.

وشددت على أن الموسيقى المصرية القديمة عبّرت عن فلسفة الإنسان المصري في الخلود والارتقاء بالروح، مشيرة إلى أن الألحان القبطية والنوبية احتفظت بجوهر هذا التراث الفني العظيم، لتظل الموسيقى المصرية القديمة جسرًا حيًا بين الماضي والحاضر، يشهد على حضارة سبقت العالم في الإبداع والتنظيم الفني.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق