صدر حديثا عن دار غراب للنشر والتوزيع كتاب " في دروب الحي تكسن الحكايا.. ملامح من المأثورات الطهطاوية"، للكاتب والباحث محمود حسنين.
في دروب الحي تسكن الحكايا
يقول محمود حسانين عن كتابه “في دروب الحي تسكن الحكايا”: "عندما شرعت في العمل؛ على هذا الكتاب، كان يغزوني الحماس، فبدأت بالجمع الميداني، والذهاب إلى المناطق الشعبية، وتصوير بعض الحرف والخامات، الأطعمة والأواني، كما تحدثت مع الكثير من الشيوخ والعجائز، واستمتعت إلى ما يروونه من حكايات وأمثال، وغير ذلك، ثم بدأت في التدوين بحماس زائد، وكلما عرفت أن شخصًا يمتلك قصصًا؛ أو مرويات، هرعت إليه فرحًا، واستمعت إلى ما لديه؛ من مخزون شفاهي، وكنت أدون ملاحظاتي أول بأول، كما قمت أيضًا بالبحث عن أصول بعض المرويات، كما جمعت بعض من آثار السابقين، عائلات، أشخاص، مساكن، أطعمة، إلى جانب التعرف على الكثير؛ من العادات والتقاليد.
ويضيف محمود حسانين:" عندما انتهيت من الجمع الميداني، كان التدوين يسير، دونت الحكايات الأمثال، الحكم، الفوازير، العادات والتقاليد، أوصاف المأكولات، الأدوات التي كانت تستخدم، حتى توقفت أمام عقبات كبيرة، منها التصريح والتلميح، فيما يخص الجنس، كما التجريح والتنمر، فيما يخص الأمثال، وأسماء الرواة والأشخاص ذوي المواقف، كما وجدت الكثير؛ من المأثورات لم أحصل عليها، فترويت في إنهاء الكتاب، وبدأت أبحث بتأن، عن أي مأثور لم أدونه، لكن فترة التأن طالت؛ سنين، حتى نسيت الكتاب أحيانًا، وتذكرته حينًا، فقد كانت المهمة صعبة الإلمام؛ بكل جوانبها، حتى هداني الله إلى الوسيلة، فبدأت أنسق الكتاب إلى فصول، كما نقحت ما يمكن تنقيحه، وتلاشيت المساس بالكثير من الأمور؛ التي تتعلق بالثوابت التاريخية والتراثية، وبالأشخاص التي تربطهم صلة ببعض الحكايات وغيرها، حتى يتثنى للقارئ؛ أن يجد ما يحثه على القراءة، دون الإخلال بالثوابت الاجتماعية؛ والأخلاق الدينية.
ويكمل:" مشوار طويل؛ وبحث مرهق، من أجل إخراج هذا الكتاب، مرت سنوات كثيرة، وهو بين الإضافة والتعديل، حتى أتم الله له المشيئة، فعملت على مراجعته، حتى يصبح لائق بتراث مدينة مثل "طهطا"، بلد رائد التنوير "رفاعة الطهطاوي".
محمود حسانين
وجاء في تصدير الكتاب" يتضمن هذا الكتاب، صورًا من الماضي، تبرز أهمية الموروث، وعلاقته بالنشأة، فإن عادات الشعوب؛ تكمن في موروثها الشعبي، فمهما قامت حضارات وهدمت أخرى، فلابد من وجود أصل لكل موروث من حكايات قيام وسقوط الحضارة، لقد عرف كل عاقل يدرس فنون الحياة، بأن التراث هو عائلة كل بلد، وأصل نبته، وإن اختلف مع مظهره؛ أو تنصل منه لشعبيته، لعدم ارتقائه لمستواه الجديد.
لكن علينا أن نعرف كيف سبق للأعداء دراسة عادة الشعوب قبل احتلالها، فغزوها بدون نقطة دم، من خلال إحياء الموروث الشعبي داخل نفوس الضعفاء، الذين انساقوا وراء الجهل بقصر نظر منهم، لعدم معرفتهم لهذا الموروث الشعبي، ولم يقدروه حق قدره، فإن طينته خصبة؛ لزراعة ونمو القدرات العقلية، على الاستيعاب، بدون أن نأخذ من عاداتنا، ما يستعمله البسطاء، لعدم الانسياق خلفهم بدون إدراك منا، فالتأثير العام على عقول النشأ، يلزمنا إن نبين الحقائق من التراث؛ والعادات والتقاليد، التي مضى عليها الدهر؛ فنرصدها، لنتعلم الأفضل ونرتقى إلى درجات السمو، وعدم الانحدار إلى مستوى التعتيم على التراث.












0 تعليق