يعد كرسي العرش الذهبي للملك توت عنخ آمون من أبرز القطع الأثرية التي تعكس عظمة الفن المصري القديم وروعة الحرفية الملكية في عهد الأسرة الثامنة عشرة، هذا الكرسي ليس مجرد قطعة أثاث، بل رمز للسلطة الملكية والتواصل بين العرش والآلهة، ويظهر براعة الصناع المصريين في الدمج بين الجمال والرمزية.
وصف الكرسي ومواصفاته
الكرسي مصنوع من الخشب المغطى بالذهب، ومطعم بالزجاج والأحجار شبه الكريمة، باستخدام تقنية «الطرق على المعدن»، يبلغ طول الكرسي 73 سم، وعرضه 59 سم، وارتفاعه 103.5 سم، ما يجعله قطعة كبيرة نسبيًا ضمن الأثاث الجنائزي الملكي.
تتخذ ذراعا الكرسي شكل الأفعى المشرعة الأجنحة، مرتدية التاج المزدوج لمصر، وهو تاج الشمال «البس» وتاج الجنوب «البو»، ويتوسطهما خرطوش الملك، أما مسند الظهر، فهو يحمل مشهدًا فنيًا رائعًا يصور الملك والملكة تحت مظلة من الأزهار، يختلط فيها شعاع قرص الشمس «آتون»، ما يعكس المعتقدات الدينية في عهد توت عنخ آمون.
ويتميز الكرسي بأرجل على شكل أطراف أسد مع مخالب مزخرفة بالأحجار شبه الكريمة، بينما تحمي رؤوس الأسود البارزة مقعد الملك من الأمام، هذه التفاصيل تظهر الاهتمام الكبير بالمستوى الجمالي والرمزي لكل عنصر من عناصر الكرسي.
السياق والاكتشاف
تم اكتشاف الكرسي في الغرفة الأمامية لمقبرة توت عنخ آمون بالبر الغربي للأقصر، ملفوفًا بأشرطة من الكتان، ومحاطًا بكنوز ملكية لا تحصى، ورغم أنه كرسي للاستخدام اليومي، إلا أن حجمه الكبير يعكس مكانة الملك وسلطانه، ويُظهر كيف كانت السلطة مرتبطة بالترف والرمزية الدينية.
الرمزية والفن التعبيري
ويمثل الكرسي السلطة والحماية الإلهية، حيث تجسد الأفعى المشرعة الأجنحة الحماية الإلهية، والتاج المزدوج رمزية لتوحيد مصر العليا والسفلى.
كما يرمز مشهد الملك والملكة تحت إشعاع قرص الشمس إلى المكانة المقدسة للملك كحاكم ووسيط بين البشر والآلهة، اختيار الذهب والمواد النفيسة والزخارف المعقدة يعكس مكانة الملك وقدسه في الحياة اليومية والرمزية الدينية.
الأهمية وإرثها
كرسي العرش الذهبي ليس مجرد قطعة فنية، بل نافذة لفهم الحياة الملكية والفن المصري في العصر الذهبي، يعكس كيف عاش الملوك، وطورت الفنون، وكيف تجسدت السلطة والدين في أجمل صورها اليوم.
ويعرض الكرسي ضمن مقتنيات الملك توت عنخ آمون في المتحف المصري الكبير، ليبقى شاهدًا على براعة الصناع المصريين القدماء وعظمة ملك صغير ترك إرثًا خالدًا من خلال مقاعده الذهبية.
اليوم، يعرض كرسي العرش الذهبي للملك توت عنخ آمون في المتحف المصري الكبير بالقاهرة، ليتيح للزوار فرصة فريدة لاستكشاف عظمة الفن المصري القديم عن قرب، وتعرض هذه التحفة الملكية ضمن جناح خاص بمقتنيات توت عنخ آمون، حيث يمكن للزائرين التأمل في التفاصيل الدقيقة للذهب والأحجار شبه الكريمة، وفهم الرمزية العميقة لكل زخرفة، مما يجعل التجربة رحلة مباشرة إلى قلب التاريخ الملكي لمصر القديمة.
0 تعليق