في تطور جديد يعمّق الأزمة السودانية، أعلن مساعد قائد الجيش السوداني، الفريق ياسر العطا، تمسكه بـ الخيار العسكري لإنهاء الحرب، في إشارة واضحة إلى رفض المساعي الدولية الرامية لوقف القتال الدائر منذ أكثر من عام ونصف.
العطا يهاجم الرباعية الدولية ويؤكد استقلال قرار الجيش
وفي تسجيل مصور بثّته وسائل إعلام سودانية، هاجم العطا "الرباعية الدولية" (الولايات المتحدة، الإمارات العربية المتحدة، المملكة العربية السعودية، ومصر)، مشيراً إلى أن الجيش يتخذ قراراته بشكل مستقل ولا يخضع لأي ضغوط خارجية.
تصريحات العطا جاءت في وقت حساس، إذ تشهد البلاد جهوداً دبلوماسية مكثفة لفرض هدنة إنسانية جديدة تمهيداً لوقف شامل لإطلاق النار.
ردود فعل غاضبة داخل السودان
وأثارت تصريحات العطا موجة من الغضب في الأوساط السودانية، حيث اعتبر مراقبون أن حديثه يكشف عن انقسام داخل القيادة العسكرية بين تيارين: أحدهما يميل للحل السياسي ويدعم مقترح الرباعية، وآخر يسعى لإفشال الهدنة والمضي في الخيار العسكري.
ويرى محللون أن هذا الانقسام يهدد فرص استئناف المفاوضات ويعمّق حالة عدم الثقة بين أطراف الصراع.
قوات الدعم السريع ترحب بالهدنة الدولية
في المقابل، كانت قوات الدعم السريع قد أعلنت، الأسبوع الماضي، موافقتها على المقترح الدولي للهدنة الإنسانية، مؤكدة في بيان رسمي أنها «تلبية لتطلعات الشعب السوداني، توافق على الهدنة المقترحة من الرباعية الدولية، لضمان معالجة الآثار الإنسانية الكارثية الناجمة عن الحرب وتعزيز حماية المدنيين».
وأوضحت القوات أن الهدف من الهدنة هو تسهيل إدخال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل إلى مختلف المناطق المتضررة من الصراع.
تصعيد بعد سقوط الفاشر واستنفار شعبي متزايد
وتزامنت هذه التطورات مع تصاعد حدة التوتر في دارفور، عقب سيطرة قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر، آخر معاقل الجيش في الإقليم.
وأشارت تقارير ميدانية إلى أن الأيام التي تلت سقوط المدينة شهدت تصاعداً في حملات الاستنفار الشعبي التي تقودها قيادات محسوبة على جماعة الإخوان المسلمين، الرافضة للحرب لكنها في الوقت ذاته تدعو للتعبئة العامة لمواجهة الدعم السريع.
صراع مستمر منذ أبريل 2023
ويشهد السودان منذ منتصف أبريل 2023 حرباً ضارية بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، تسببت في مقتل عشرات الآلاف وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها.
ويعيش السودانيون حالياً أزمة إنسانية غير مسبوقة، وسط انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية وصعوبة وصول المساعدات إلى المناطق المنكوبة.
أزمة مفتوحة بلا أفق سياسي واضح
مع تمسك العطا بالخيار العسكري، ورفض أطراف أخرى داخل الجيش لأي تسوية مدعومة دولياً، يبدو أن المشهد السوداني يسير نحو مزيد من التعقيد، في ظل غياب إرادة سياسية موحدة، واستمرار صراع النفوذ داخل المؤسسات العسكرية.
وفي حين تتمسك الرباعية الدولية بمساعي التهدئة، فإن الميدان هو من يفرض كلمته الآن، ما يجعل إمكانية إنهاء الحرب في المدى القريب حلماً بعيد المنال.















0 تعليق