نظم الأرشيف والمكتبة الوطنية بالامارات العربية المتحدة النسخة الرابعة من مؤتمر الإمارات الدولي للتاريخ الشفاهي، والذي عقد تحت شعار "مرويات: حوار المجتمعات وجسور التسامح"، بمشاركة نخبة من الباحثين والأكاديميين والمختصين من داخل الدولة وخارجها، حيث أكدت فعاليات المؤتمر أن التاريخ الشفاهي بما يحمله من روايات حية وشهادات مباشرة يمثل مصدراً أصيلاً من مصادر تاريخ الأمم والشعوب، لما يسده من فجوة معرفية بين الأجيال، ويسهم في إثراء القراءة متعددة الأبعاد للأحداث التاريخية.
تجارب البشر
ويأتي انعقاد المؤتمر في إطار حرص الأرشيف والمكتبة الوطنية على تحقيق تطلعات عام المجتمع، عبر منصة علمية وإنسانية تلتقي فيها التجارب والقصص التي جمعت البشر ووحدت ذكرياتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل.
التاريخ الشفاهي
استهل الدكتور عبد الله ماجد آل علي مدير عام الأرشيف والمكتبة الوطنية فعاليات المؤتمر بكلمة أكد فيها أهمية هذا الحدث الثقافي والعلمي الذي يعرض تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال التاريخ الشفاهي ويثريها بتجارب عربية وعالمية متنوعة.
وأشار “الماجد” إلى أن التاريخ الشفاهي يمنح كبار المواطنين الذين عايشوا التحولات الكبرى في الدولة فرصة لتوثيق تجاربهم، ويعيد الاعتبار لشاهد العيان بوصفه مصدراً موثوقاً، مؤكداً أن نهضة الأمم تستند إلى وعيها بتاريخها، وهو ما تجسده دولة الإمارات التي تبني حاضرها ومستقبلها على إرث الآباء المؤسسين، وفي مقدمتهم الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه.
تراكم معرفي
وعبر عن سعادته بما حققه المؤتمر في دوراته السابقة من إنجازات علمية وتراكم معرفي، معبّراً عن تفاؤله بالمشاركات البحثية الجديدة التي تثري النقاش العلمي وتسهم في تعزيز فهم التحولات الاجتماعية والثقافية، وترسخ قيم التسامح والتفاهم بين الشعوب، وثمّن جهود المشاركين متمنياً للمؤتمر تحقيق أهدافه العلمية المنشودة.
من جانبها أكدت الدكتورة عائشة بالخير مستشار البحوث في الأرشيف والمكتبة الوطنية ورئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر، أن المؤتمر يُعد إبحاراً في فضاءات الذاكرة الحية التي تستحضر عبق الماضي وتغوص في أعماقه، مشيرة إلى أن الذاكرة الحية منحت الإنسان القدرة على الوقوف على أرض صلبة تزخر بالعطاء والإلهام والقيم الإنسانية.
وقالت رئيسة اللجنة المنظمة للمؤتمر: إن دورات المؤتمر السابقة أثبتت أن الإنسان، رغم تطور تقنيات العصر، يبقى مشدوداً إلى سحر الرواية الشفاهية التي تحفظ التاريخ الإنساني وتنقله للأجيال القادمة ليبقى جزءاً أصيلاً من ذاكرة المستقبل؛ مشيرة إلى أن الإنسان مهما بلغت به تقنيات العصر وتطورت وسائل الاتصال ووسائط المعرفة يبقى مشدوداً إلى سحر الرواية الشفاهية، فهي الذاكرة التي تنبض برائحة الزمان وطعم المكان، وتعيد ملامح الحياة كما عاشها الأجداد لتبقى جزءاً أصيلاً من تاريخ المستقبل الذي نبنيه.
ذاكرة الكلام
بدأت فعاليات المؤتمر بجلسة عنوانها "اللغة، اللهجة، الرمسة: ذاكرة الكلام" أدارتها السيدة لمياء راشد الشامسي صاحبة مبادرة "محلاها رمستنا" حيث تناولت الجلسة أهمية اللغة واللهجات المحلية في حفظ الهوية وتعزيز التواصل بين الثقافات.
وتحدث خلالها كل من أحمد الصيني مؤلف كتاب (الصين بنكهة إماراتية) حول اللغة كجسر للتقارب بين الشعوب، وتناولت الدكتورة ناتاليا بافلو من قبرص في ورقتها البحثية دور اللغة في حفظ الهوية، وتحدث مارك شوكلي عن الأهمية الثقافية للهجة الشحية.
وتضمنت الجلسة الثانية التي حملت عنوان "عام المجتمع: صور وحكايات" وأدارتها الدكتورة عائشة بالخير، مناقشات حول استدامة المعرفة الثقافية والممارسات المجتمعية وتعزيز التلاحم وبناء مجتمعات يسودها التسامح.
رسم مصر
وشارك فيها الدكتور محمد حمدي من جامعة حلوان بجمهورية مصر العربية متحدثاً عن مبادرة "رسم مصر"، وسلط خميس إسماعيل المطروشي الضوء على ذاكرة الفريج: قيم وحكايات، وتحدثت ميهناز أنشاه، وسعدية أنور عن كتاب خطوط القصة وذاكرة كبار السن في أبوظبي.
وناقش المشاركون التحديات التي تفرضها التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي على أساليب الحياة، مؤكدين أهمية الجهود البحثية والمؤسساتية في توثيق الموروث الشفاهي وصون الهوية الثقافية في ظل المتغيرات السريعة التي يشهدها العالم المعاصر.
هذا وأثرى الجمهور جلسات المؤتمر بالاستفسارات والمداخلات والنقاشات المثمرة والبناءة، التي عكست الاهتمام الكبير بموضوع التاريخ الشفاهي ودوره في تعزيز التواصل بين الأجيال وحفظ الذاكرة الوطنية، واختتم المؤتمر بالتوصيات التي تلتها الأستاذة ميثاء سلمان الزعابي رئيس قسم التاريخ الشفاهي بالأرشيف والمكتبة الوطنية.











0 تعليق