زيارة الشرع لواشنطن.. وتفكيك شبكة المصالح المُعقدة في سوريا

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

زار الرئيس السوري أحمد الشرع أمس الاثنين واشنطن للقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيما تعتبر هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها رئيس سوري البيت الأبيض منذ أكثر من 80 عامًا، وهو يعد تحولًا غير مسبوقًا، فقبل عشرة أشهر كانت هناك جائزة أمريكية تبلغ 10 ملايين دولار للوصول إلى "الشرع".

شبكة تنازلات

يمكن فهم اللقاء بأنه مجرد حلقة في شبكة مصالح معقدة في المنطقة، فالصفقة بين الشرع وترامب تعتمد على مجموعة من المطالب والتنازلات، من المتوقع أن يقدم الرئيس السوري لنظيره الأمريكي مجموعة من التنازلات ليحظي بالمكانة الجديدة، مثل استعداده للانضمام إلى التحالف الدولي ضد داعش، وموافقة على التوقيع على اتفاقات أمنية مع إسرائيل وإعلان نوايا بشأن الانضمام إلى "اتفاقات إبراهيم".

في المقابل، الشرع يتوقع رفع العقوبات التي لا تزال مفروضة على سوريا، وهو ما تحتاجه دمشق، لبدء الاستثمارات والمساعدات التي تحتاجها من أجل البدء في إعادة الترميم من الدمار الشديد الذي تسببت به الحرب الأهلية.

العلاقة الغريبة بين ترامب والشرع يقع في خلفيتها رغبة ترامب اللامحدودة في التباهي بالحروب التي قام بإنهائها والتي كان يأمل أن تساعده على الفوز بجائزة نوبل.

بينما تعتبر السعودية هي الركيزة الأساسية في تلك العلاقة، هناك من يرى أن التفاهم بين ترامب والشرع هي هدية لولي العهد السعودي الذي كان من أول من اعتراف بنظام الشرع، بينما ستقوم السعودية بتولى مسألة الإعمار.

شبكة مصالح

العلاقة بين ترامب والشرع والسعودية، وتحقيق التآلف بينهما تواجه عدة تحديات، أولها إنه حتى الآن لا يسيطر "الشرع" إلا على 60 % من أراضي سوريا، وهو بحاجة إلى تحييد كتل المعارضة الكبيرة التي تعترض طريقه.

كما أنه بحاجة إلى موازنة مصالحه بين ترامب من جهة، ومصالحه مع جهات أخرى، مثل روسيا التي لا تزال تريد البقاء بشكل ما في سوريا.

أما اللاعب الأهم الآن هو تركيا التي تريد أن تتصدر المشهد في سوريا الجديدة، فهي من قامت بتدريب وتمويل وتوجيه ومساعدة "الشرع" في مواجهة نظام الأسد، فيما لاتزال تركيا تتواجد في مناطق بشمال سوريا، حيث بدأت في تدريب الجيش السوري "الجديد"، واحتفظت بعدد من القواعد العسكرية في سورية.

تريد تركيا من بقاءها في سوريا تسهل الطريق إلى تفكيك القوة العسكرية للأكراد في سوريا الذين تعتبرهم تنظيما إرهابيا يهدد أمنها الوطني. بناء على ذلك، هي تعتبر الشرع وجيشه ذخرا استراتيجيا يمكن أن يحقق من أجلها هذا الهدف. 

إسرائيل تتدخل

التطورات الأخيرة خلال العام الماضي في سوريا، كانت مُربكة لإسرائيل، فمن ناحية تخلت تلأبيب من نظام الأسد الذي كان مدعومًا من إيران، ولكن التواجد التركي ليس أقل خطورة على إسرائيل.

التواجد التركي في شمال سوريا بالقرب من المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل والتي عينت نفسها فيها كراعية للأقلية الدرزية في سوريا مما يفتح الباب أمام احتمالية احتكاك مع القوات التركية.

من ناحية أخرى، إسرائيل تأمل إلى توقيع اتفاقات أمنية بين إسرائيل وسوريا، لكن هذه الاتفاقات قد تجعل ترامب يجبر إسرائيل على الانسحاب من سوريا، ليستكمل النظام السوري السيطرة على سوريا، هذه الرؤية لاتناسب إسرائيل التي تفضل دولة سورية مقسمة إلى كانتونات - تستطيع فيها الإمساك بأدوات تأثير "إقليمية"، لتحييد أو على الاقل موازنة أدوات النفوذ التركية.

من غير الواضح كيف ستحسم الولايات المتحدة هذه الشبكة من المصالح المعقدة، لكن المعلومات التي نشرت حول تخطيط واشنطن لإقامة قاعدة عسكرية كبيرة قرب دمشق من شأنها أن تشرح النهج الأمريكي، فواشنطن تريد أن تكون متواجدة في سوريا، وتضمن بنفسها تطبيق الترتيبات الأمنية، فمن جهة تبرر لإسرائيل انسحابها من سوريا ومن جهة تضمن أن تظل هناك من أجل التوازن بين إسرائيل وتركيا وسوريا، ومن ناحية أخرى، تضمن تعزيز التواجد الأمريكي أمام الروس.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق