أكد تقرير أمريكي أن أزمة حرب غزة أتاحت لمصر فرصةً لإعادة تأكيد دورها في دبلوماسية الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن القاهرة لعبت دورًا محوريًا في تأمين هدنة في غزة، وترغب في ضمان استمرارها موضحا أن مصر تعيش "لحظة دبلوماسية واعدة".
مصر تقود دبلوماسية الشرق الأوسط
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها، إن مصر باستضافتها المفاوضات الخاصة بإنهاء حرب غزة الشهر الماضي في شرم الشيخ، والتي أسفرت أخيرًا عن وقف إطلاق النار أكدت أن مصر تتمتع بنفوذ كبير في الشرق الأوسط.
وقال محللون ومسؤولون حاليون وسابقون إن قرب مصر الجغرافي من إسرائيل وغزة، وعلاقاتها التي ترسخت على مدى عقود مع جهات فاعلة رئيسية على جانبي الصراع، بالإضافة إلى دورها في غزة، يجعلان من مصر عنصرًا أساسيًا في السعي لتحقيق سلام دائم.
وأوضحت الصحيفة أنه عندما بدا أن وقف إطلاق النار الناشئ في خطر، أجرى رئيس المخابرات حسن رشاد، الذي قاد فريق التفاوض المصري، زيارة نادرة إلى إسرائيل للقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وقالت منى يعقوبيان، مديرة برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، إن قمة شرم الشيخ كانت "نصرًا كبيرًا لمصر"، مشيرة إلى أنه في الفترة المقبلة، ستُختبر الدبلوماسية المصرية وسيتعين على القاهرة أن تلعب دورًا محوريًا في المساعدة على ضمان استمرار وقف إطلاق النار في غزة، وحل المسائل المعقدة حول من سيحكم غزة ويفرض الأمن.
رؤية مصر نجحت في غزة
فيما قال وزير الخارجية السابق نبيل فهمي، للصحيفة الأمريكية، إنه من خمسينيات إلى سبعينيات القرن الماضي، كانت مصر الزعيمة بلا منازع للعالم العربي، وكانت القاهرة عاصمته الثقافية والسياسية.
وأوضحت الصحيفة أن مصر شهدت تراجعًا في مكانتها ونفوذها على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية وسط اضطرابات سياسية واقتصادية داخلية لكن أعادتها حرب إسرائيل على غزة إلى دور قيادي فقد تم توجيه المساعدات الإنسانية للقطاع عبر شبه جزيرة سيناء كما ضمنت لها حدودها مع غزة مقعدًا على طاولة المفاوضات كوسيط.
أيضا قال محمد إبراهيم الدويري، المسؤول السابق في المخابرات المصرية للصحيفة الأمريكية "لدينا علاقات قوية مع السلطة الفلسطينية وإسرائيل وجميع الفصائل الفلسطينية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والدول الأوروبية ولا يوجد بلد آخر يتمتع بهذه العلاقات".
وقالت الصحيفة إنه على غرار أسلافه، يُصرّ الرئيس عبد الفتاح السيسي على أن إقامة دولة فلسطينية مستقلة إلى جانب إسرائيل هي الحل الوحيد القابل للتطبيق للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وقد قاوم اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في فبراير الماضي بتحويل غزة إلى "ريفييرا الشرق الأوسط" بإدارة أمريكية مع تهجير الفلسطينيين من القطاع وبدلًا من ذلك، حشدت مصر الدعم العربي لخطة بديلة لغزة، وأقنعت المسؤولين الأمريكيين في نهاية المطاف بمزاياها.
وأكدت "واشنطن بوست" أن خطة السلام المكونة من 20 نقطة، والتي أعلنها ترامب الشهر الماضي، تشبه خطة مصر في بعض الجوانب الرئيسية، بما في ذلك الدعوة إلى تشكيل لجنة من التكنوقراط الفلسطينيين لإدارة غزة مؤقتًا، وتدريب قوات شرطة فلسطينية من قِبل مصر والأردن، ونشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار في القطاع إلا أن الخطة المصرية لم تتضمن اقتراح ترامب بتشكيل "مجلس سلام" يرأسه للإشراف على إدارة القطاع.
وقال حسين إبيش، الباحث المقيم الأول في معهد دول الخليج العربية في واشنطن إن مصر تُطبّق ما تريده على غزة وإذا نجحت العملية التي بدأت في شرم الشيخ في إنهاء الحرب في نهاية المطاف، "ستكون مصر قد برزت كدولة لا غنى عنها".
وأوضح إيبش أن وجود قوات في غزة أمر بالغ الأهمية لضمان ترجمة أي اتفاق على الورق إلى واقع على الأرض. ففي الأيام الأولى لوقف إطلاق النار، تمكنت القاهرة من إقناع مقاتلي حماس بالتوقف عن إعدام منافسيهم في غزة، وفقًا لما ذكره خالد عكاشة، المستشار المصري الذي قدم المشورة للوفدين الفلسطيني والمصري في محادثات شرم الشيخ.
مصر تقود حل أزمات المنطقة
وقالت الصحيفة إنه في الوقت نفسه، تسعى مصر أيضًا إلى لعب دور في تهدئة الصراعات الإقليمية الأخرى، فقد صرح مسعد بولس، كبير مستشاري الولايات المتحدة للشؤون العربية والأفريقية، بأنها "لاعب أساسي للغاية" في السودان المجاور، حيث يحاول المسؤولون المصريون التوسط لوقف إطلاق النار في حرب أهلية ضارية.
وقال بولس: "إنهم في خضم كل هذه الصراعات، ومن الواضح أننا نعمل معهم في كل هذا"، واصفًا مصر بأنها "شريك جيد".
وشاركت مصر مؤخرًا في الجهود المبذولة لمنع انهيار الهدنة الهشة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان، حيث أرسلت، رئيس المخابرات، إلى بيروت للقاء كبار المسؤولين الأسبوع الماضي.
وقال منير ربيع، المحلل السياسي والمتحدث السابق باسم الحكومة اللبنانية للصحيفة إن مصر ترغب في الاضطلاع بدور أوسع وأكثر فعالية، في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة موضحا أن مقترح القاهرة بشأن لبنان يعكس بالفعل الخبرة المكتسبة من غزة.













0 تعليق