تحويشة العمر.. أين تذهب؟| الملاذات الآمنة للمصريين في 2025.. بين الذهب والعقار والدولار

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

 

تحويشة العمر.. أين تذهب؟

الملاذات الآمنة للمصريين في 2025: بين الذهب والعقار والدولار

 

68% من المواطنين يعتبرون الذهب الخيار الأول للحفاظ على مدخراتهم.. يليه العقار بنسبة 22% والشهادات البنكية بحوالى 8%.. ولا تزال البورصة خيارًا هامشيًا

 

المعدن الأصفر أثبت قدرته على حماية المستثمرين من التضخم والانكماش الاقتصادي على مدار العقود الماضية.. والطلب العالمي عليه شهد ارتفاعًا كبيرًا خلال فترات الأزمات

البنك الدولي: تحويلات المصريين بالخارج تجاوزت 30 مليار دولار سنويًا وتمثل أحد المحركات الأساسية للطلب العقاري في مصر

الشهادات البنكية والسندات أحد أبرز الخيارات التي يلجأ إليها المصريون بحثًا عن الأمان والثقة حتى لو كان على حساب العائد الحقيقي

الشعور بالأمان النفسي هو المحرك الرئيسي للاستثمار الآمن.. وشريحة من المستثمرين تتجه إلى السندات وأذون الخزانة لأنها مدعومة بضمان الدولة

 

الشباب أكثر جرأة في تجربة أدوات جديدة للاستثمار في البورصة أو الذهب الإلكتروني.. وجيل الكبار يظل أكثر تحفظًا ومتمسكًا بالعقار والذهب التقليدي

 

قراءة اقتصادية يقدمها: محمد يحيي

مع ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الأسعار، تفقد الثروات والمدخرات قيمتها أمام فجوات القوى الشرائية في ظل التداعيات التي تواجه اقتصاديات المنطقة وليس الاقتصاد المصري دون سواه، خصوصًا مع تقلبات أسعار الصرف الأجنبي؛ حيث يلجأ المصريون خاصًة البسطاء منهم من أصحاب الطبقة المتوسطة إن حالفهم الحظ للإحتفاظ ببعض الثروات "الأموال" إما عن طريق الإرث أو "تحويشة العمر"؛ لمحاولة استثمار تلك المدخرات بصورة أكثر استدامة تحقق لهم عوائد مرضية تساعدهم على تحمل أعباء المعيشة.

 يشعر المواطن من أصحاب المدخرات بالحيرة في الاستثمار الأمثل من خلال المفاضلة في وضع أصوله المالية بين الذهب الذي يلمع في أوقات الأزمات، والعقار الذي ظلّ لعقود صاحب الحظوة الأكبر للمصريين في تأمين المستقبل أو "4 حيطان" تستر أمام تقلبات الزمن كما هو متعارف عليه.

بالإضافة للبنوك التي ترفع الفائدة لجذب السيولة، والبورصة التي تحاول استعادة بريقها، يعيش المستثمر المصري حالة حيرة غير مسبوقة. لم تعد القرارات المالية سهلة، ولا الحسابات مضمونة، خصوصًا مع عالم تتسارع فيه المتغيرات، وسوق محلي يتأثر بكل حدث عالمي.

ورغم تعدد الخيارات، يبقى الهدف واحدًا، وهو  البحث عن ملاذ آمن يحفظ القيمة الحقيقية للمال؛ لكن هل يوجد ملاذ آمن حقيقي؟ أو أن الأمان نفسه أصبح وهمًا في عالم تتقلب فيه الأسعار والقرارات في لحظات؟

التضخم والسياسات النقدية

مع بدء عام 2025 الجاري، واجه الاقتصاد المصري تداعيات أكثر صعوبة  متأثرة بسنوات من التضخم ارتفعت فيها الأسعار وتراجع القوة الشرائية للجنيه. ورغم إجراءات البنك المركزي المتتالية لاحتواء التضخم في ذلك الوقت عبر رفع أسعار الفائدة وتحرير سعر الصرف، فالمواطنون لا يزالون يشعرون بأن قيمة الجنيه تذهب بلا رجعة يومًا بعد الآخر.

 بيانات البنك المركزي المصري، التي تلقتها "البوابة" أظهرت تراجعًا في معدلات التضخم من الناحية النظرية وليس على مستويات الأسواق، حيث انخفض على أساس سنوي بنهاية سبتمبر الماضي إلى 11.3% بعد أن كان 24.404% في أكتوبر الماضي بعد أن تجاوز 30% في منتصف 2024، مدفوعًا بارتفاع أسعار الغذاء والطاقة وتكاليف الإنتاج، فهذا الرقم رغم أنه أقل قليلًا من ذروة 2023 ما زال كفيلًا بظهور حالة من القلق الدائم لدى المدخرين.

شهادات البنوك وسعر الصرف

وفقا لإجراءات البنوك، أتاحت للمودعين عوائد مرتفعة عبر الشهادات البنكية التي وصلت فوائدها إلى نحو 27% سنويًا و23.5% للعائد الشهري بقيمة 1000 جنيه داخل بنكي مصر والأهلي التابعين للحكومة وذلك منذ يناير قبل الماضي؛ بالتوازي مع ارتفاع تكلفة الاقتراض.

بالرغم من اجراءات البنك المركزي المصري على مدار السنوات السابقة من بينها تحرير سعر الصرف الأجنبي في العام الماضي، فلم تؤدِ إلى تغيير ثقافة المصريين في اكتناز العملة الأجنبية نظرًا لتعرضها للتذبذب وارتباطها بقوى العرض والطلب؛ وإلى تحويل الاستثمار في الأصول الثابتة كالذهب والعقارات لمواجهات التضخم والمضاربة في العملة خوفًا من أي تراجع جديد في قيمة الجنيه والتوجه لإعادة الثقة مرة أخرى في العملة المحلية  رغم أنها لا تزال تحتاج إلى وقت طويل وجهد مؤسسي لاستعادتها.

الشهادات البنكية والسندات... الأمان المضمون بالفائدة

ففي أوقات الأزمات الاقتصادية، حين تتقلب أسعار السلع والعملات ويتزايد القلق من فقدان قيمة الجنيه، يبحث المصريون دائمًا عن الملاذ الآمن الذي يحمي مدخراتهم من التآكل.. وبعد الذهب والعقار، تأتي الشهادات البنكية والسندات كأحد أبرز الخيارات التي يلجأ إليها المصريون بحثًا عن الأمان والثقة، وإن كان ذلك أحيانًا على حساب العائد الحقيقي.

 

الثقة قبل العائد

قال الدكتور على الإدريسي، الخبير الاقتصادي، إن المصريين تاريخيًا يربطون بين البنوك وبين مفهوم الأمان، فالبنك بالنسبة لغالبية المواطنين يعد بمثابة خزانة كبرى تحفظ أموالهم من السرقة أو الخسارة أو التقلب، على حد وصفهم،  فمع كل أزمة تضخم أو انخفاض جديد في قيمة العملة، يزداد الإقبال على الشهادات البنكية، خصوصًا تلك التي تصدرها البنوك الحكومية الكبرى، والتي تُعرف بثباتها واعتمادها.

وأضاف أنه مع كل قرار من البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة، تتسابق البنوك لطرح شهادات بعوائد مرتفعة لجذب السيولة، حيث وصلت العوائد في بعض الفترات إلى 25%  و27% سنويًا، وهو مستوى غير مسبوق في السوق المصرية.

وأوضح أن كثيراً من المواطنين يفضّلون هذه الشهادات لأنها تضمن لهم دخلًا شهريًا ثابتًا يساعدهم على تسيير شؤون حياتهم، خاصًة في ظل ارتفاع الأسعار، فالعائد المنتظم يُشعر المواطن بنوع من “الاستقرار المالي”، حتى لو كان العائد الحقيقي أقل من معدل التضخم.

 

البورصة والخوف من المخاطرة

كما يقول الشاعر الأندلسي أبو البقاء الرندي "ويفوز باللذات كل مغامرٍ"، فإن الاستثمار في البورصة والأسهم يخضع لمضاربة خطيرة قد تتسبب في ضياع الأصل أو الربح الكبير وهو ما يسمى العائد الإسمي والذي يتطلب خبرة ودراية من المستثمر لتحقيق أقصى عائد.

الشعور بالأمان النفسي هو المحرك الرئيسي للاستثمار الآمن، فبعض المستثمرين الصغار يلجأون لضخ مدخراتهم في استثمارات ذات مخاطر أقل أو ما يعرف بـ"زيرو مخاطر" من الاكتتاب في السندات والأذون الخزانة باعتبارها مرتبطة بسعر فائدة ثابت وعودة الأصول بعد انتهاء الأجل المحدد، لكن المضاربات في سوق الأسهم والبوصة تمثل مغامرة غير محسوبة وبالتالي تؤثر على ثرواتهم خصوصًا إذا لم تكن الخطوات محسوبة بدقة.

السندات وأذون الخزانة... الملاذ الاحترافي

على الجانب الآخر، هناك شريحة من المستثمرين الأكثر وعيًا وخبرة، تتجه إلى أدوات مالية أكثر احترافية مثل السندات وأذون الخزانة.  هذه الأدوات تعتبر جزءًا من الدين الحكومي، وتُعد من أكثر الاستثمارات أمانًا في السوق، لأنها مدعومة بضمان الدولة نفسها.

تُطرح أذون الخزانة عادة بفترات قصيرة تتراوح بين 3 و12 شهرًا، وتُعتبر وسيلة مفضلة للمستثمرين الكبار، مثل البنوك وصناديق الاستثمار والمؤسسات المالية، الذين يبحثون عن عائد ثابت وسريع.
أما السندات فتمتد لمدد أطول، قد تصل إلى 3 أو 5 أو حتى 10 سنوات، وتوفر عائدًا مستقرًا على المدى البعيد.

وتشير بيانات وزارة المالية المصرية إلى أن إجمالي الاستثمارات المحلية في أذون الخزانة تجاوز2.4   تريليون جنيه منتصف عام 2025، بزيادة تقارب 14% عن العام السابق، ما يعكس إقبالًا متزايدًا من المؤسسات والمستثمرين على هذه الأدوات كوسيلة لتأمين العوائد في فترات عدم اليقين الاقتصادي.

 

الاقتصاد المصري والعوامل الدولية

لا يمكن فصل الاقتصاد المصري عن التداعيات الدولية التي شهدت اضطرابات في أسعار الفائدة العالمية، وحروبًا تجارية، وتقلّبات في أسعار النفط والذهب، ما جعل الاستثمار الآمن تحديًا حتى في الاقتصادات الكبرى المؤثرة، فمع ارتفاع أسعار الذهب عالميًا، تتضاعف الزيادة محليًا بسبب ضعف الجنيه، وعندما يتراجع الدولار في الأسواق العالمية، يظل قويًا في السوق المحلية بفعل الطلب عليه كمخزن للقيمة.

شرائح الشباب في الاستثمار

في السنوات الأخيرة، تغيّر سلوك المصريين تجاه الاستثمار، فبعد أن كان الادخار في «الوديعة البنكية» هو الخيار الأول، أصبح كثيرون يميلون إلى تنويع المدخرات بين أكثر من أداة، إذ تميزت شريحة  الشباب بأنها أكثر الشرائح جرأة في تجربة أدوات جديدة مثل الاستثمار في البورصة أو الذهب الإلكتروني، بينما يظل الجيل الأكبر أكثر تحفظًا، متمسكًا بالعقار والذهب التقليدي.

وذكرت تقارير رسمية  عن أن نحو 68% من المصريين يعتبرون الذهب الخيار الأول للحفاظ على مدخراتهم، يليه العقار بنسبة 22% ثم الشهادات البنكية بحوالى 8% فقط، بينما لا تزال البورصة خيارًا هامشيًا لدى غالبية المواطنين.

 

الأمان المالي

مفهوم «الملاذ الآمن» ليس ثابتًا، بل يتغير بحسب الظروف خصوصًا أن معدل الأمان المالي أصبح متغيرًا في  ظل الركود، إذ يصبح العقار عبئًا لصعوبة تصريفه أو تحقيق عائد سريع منه، بالإضافة إلى أن المضاربة في الذهب بإعتباره مخزنًا للقيمة إلا أنه لا يخلو من التذبذب، وبالتالي فإن كثيراً من الخبراء بدأوا في الدعوة إلى مفهوم جديد يسمّى »الأمان النسبي« ويعني توزيع المدخرات على أكثر من أداة بحيث لا يعتمد الشخص على خيار واحد.

ويساعد ذلك النهج في موازنة المخاطر، ويمنح المستثمر المصري فرصة أفضل لحماية أمواله من التقلبات.

 

الذهب مصدر آمن للاستثمار ومحل ثقة المصريين

جرت عادة المصريين على تخزين الذهب كمصدر للثروة ومواجهة التداعيات الاقتصادية وتقلبات الزمن وربما القوة؛ كل هذه الأمور ليست عشوائية ولكنها عادة تاريخية منذ عهد الفراعنة الأجداد فما بين المصريين القدماء و خلفهم المعاصرون هناك قاسم مشترك في الاحتفاظ بالمعدن الأصفر كمخزن  آمن للثروة لمواجهة العواصف الاقتصادية المحتملة. وفي كل مرة تهتز فيها الأسواق، أو يرتفع الدولار، أو يلوّح البنك المركزي بقرار جديد، يتحرك المصري نحو محال الصاغة كأنها الملاذ الأخير من التقلبات المالية.

الثقة في الذهب نابعة من طبيعته كأصل مادي ملموس لا يفقد قيمته بسهولة، ويتميز عن المنتجات البنكية التي تتأثر بتأثر سعر الفائدة أو تقلبات سعر الصرف الأجنبي أو العربي خصوصًا منذ السنوات السابقة وانخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار؛ حيث يتحول الاهتمام  بالذهب لمواجهة تلك التداعيات.

وفقا لتقارير حصلت عليها "البوابة" بشأن أسعار الذهب على أساس سنوى، فقد ارتفع سعر جرام الذهب عيار 21 من نحو 3200  جنيه في مطلع 2024 إلى ما يقارب 5500 جنيه حاليًا، أي بزيادة تفوق 71.875% وتساوي 2300 جنيه، إذ يعتبر ذلك النمو قفزة جعلت الذهب ليس فقط أداة لحفظ القيمة، بل أيضًا وسيلة لتحقيق أرباح رأسمالية، وإن كانت محفوفة بالتقلبات.

المعدن الأصفر يحتفظ ببريقه كملاذ آمن في مواجهة الأزمات العالمية

وقالت هويدا محمد، الباحثة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار، إن المعادن النفيسة، وعلى رأسها الذهب، ما زالت تحتفظ بمكانتها كأحد أبرز الملاذات الآمنة في فترات الاضطرابات الاقتصادية، مشيرةً إلى أن الاهتمام العالمي بالاستثمار في الذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم يشهد تزايدًا ملحوظًا، في ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي وارتفاع معدلات التضخم.

وأضافت الباحثة، عبر الموقع الرسمي لمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، أن الذهب يُعد المعدن الأكثر شعبية واستقرارًا بين المعادن النفيسة، إذ أثبت قدرته على حماية المستثمرين من التضخم والانكماش الاقتصادي على مدار العقود الماضية، موضحة أن الطلب العالمي على الذهب شهد ارتفاعًا كبيرًا خلال فترات الأزمات، مثل الأزمة المالية في 2008 وجائحة كورونا في 2020.

وأشارت إلى أن العوامل المؤثرة في أسعار المعادن النفيسة تشمل الطلب الصناعي وسعر الدولار الأمريكي وأسعار الفائدة العالمية، موضحةً أن العلاقة العكسية بين الذهب والدولار ما زالت قائمة، إذ تميل أسعار الذهب إلى الارتفاع عندما يضعف الدولار.

وأوضحت هويدا محمد أن الاستثمار في المعادن النفيسة لم يعد مقتصرًا على شراء السبائك، بل توسع ليشمل صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) وأسهم شركات التعدين، مؤكدة أن هذه الأدوات تسهّل على المستثمرين تنويع محافظهم وتقليل المخاطر. وتوقعت الباحثة أن يستمر الاتجاه التصاعدي لأسعار الذهب خلال الفترة المقبلة، مدفوعًا بزيادة الطلب من البنوك المركزية حول العالم، خاصة في ظل محاولات بعض الدول تقليل اعتمادها على الدولار الأمريكي، فيما يعرف بـ"إزالة الدولرة"، وأضافت أن استمرار التضخم العالمي والاضطرابات الجيوسياسية سيعزز مكانة الذهب والمعادن النفيسة كأدوات استثمارية آمنة في المدى المتوسط والطويل.

الذهب في مواجهة الدولار والعقار

من جانبه، أكد هشام إبراهيم، الخبير الاقتصادي في تصريحات له، أن المصريين يثقون في الذهب بإعتباره أصلًا حقيقيًا أمام الدولار واصفًا إياه بأنه مجرد ورقة تتأثر بالسياسات الأمريكية والعرض والطلب المحلي.

أضاف أنه بالرغم من ذلك، فإن الدولار يعد منافسًا شرسًا، خاصة لدى من يفضلون السيولة وسهولة التداول، رغم أن هناك اجراءات محددة للتصرف في المعدن الأصفر بالبيع وقد يواجه تقلبات في المصنعية، مقابل الدولار الذي يمكن تسييله بشكل آني.

واعتبر "إبراهيم"، العقار الملاذ التقليدي للمصريين الكبار في السن أو من يمتلكون مبالغ كبيرة، لكن الذهب يبقى الأقرب لصغار المدخرين، لأنه لا يحتاج إلى رأسمال ضخم، ويمكن شراؤه تدريجيًا على هيئة جرامات.

الذهب الإلكتروني وصناديق الاستثمار الجديدة

في 2025، لم يعد شراء الذهب مقتصرًا على محال الصاغة، إذ ظهرت أدوات جديدة مثل الذهب الإلكتروني والصناديق الاستثمارية المدعومة بالذهب (ETFs)، والتي تسمح للمستثمر بشراء حصص رقمية تعادل كمية معينة من الذهب المادي، حيث تعتبر تلك الأدوات  وسائل لجذب  فئة من الشباب ممن  يفضلون التكنولوجيا والمرونة في الاستثمار، بعيدًا عن قيود التخزين والمصنعية.

وتشير بيانات البورصة المصرية إلى أن صندوق “Evolve Gold”، وهو أول صندوق استثمار مصري مدعوم بالذهب، جذب أكثر من400 م مليون جنيه من المستثمرين خلال عامه الأول، في إشارة إلى إقبال واضح على هذه الفكرة.

مخاطر الذهب

بالرغم من احتفاظ الذهب بقيمته على المدى البعيد إلا أن قيمته الحقيقية مرتبطة بالبورصات العالمية وبحركة الدولار والفائدة الأمريكية، ففي حالة رفع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، قد يتراجع سعر الذهب عالميًا لأن المستثمرين يتحولون إلى الأصول ذات العائد الثابت، بالإضافة إلي أن موجات الارتفاع الحادة داخليًا قد تسبب فقاعات سعرية سرعان ما تنفجر عندما يهدأ السوق أو يتحسن الجنيه.

تصريحات المحللين والخبراء أكدت  أنه لا يمكن إنكار أن الذهب وسيلة جيدة للتحوط، لكن ليس للاستثمار طويل الأمد، فمن يشتري الذهب ينبغي عليه أن يتعامل معه كدرع حماية لا كأداة للربح المستمر، أي يحمي من الخسارة لكنه لا يضمن للمستثمر النمو الحقيقي للثروة على المدى الطويل.

وهو ما يتطلب في النهاية ضرورة وجود توازن بين الذهب وغيره من الأدوات الاستثمارية لتنويع المحافظ والأصول لتحقيق العوائد المطلوبة جراء تلك الاستثمارات.

العقار استثمار يحتفظ بقيمته رغم الركود

مع استمرار تراجع قيمة العملة وزيادة الفجوات الاقتصادية، تبرز أهمية الاحتفاظ بالأصول العقارية، وهنا تبرز مقولة "العقار لا يتلف أو يخسر" التي يرددها العامة دومًا، بإعتبارها أحد عقائد الاستثمار المطمئن والآمن لدى المصريين؛ فالعقار بالنسبة للكثيرين ليس مجرد مبنى أو قطعة أرض، بل هو رمز للثبات، ووسيلة ملموسة لحماية المدخرات من تآكل القيمة.

فمع ارتفاع الأسعار تصعب عمليات حيازة واقتناء العقار في توقيت أصبحت فيه السيولة أمرًا عزيزًا في ظل زيادات معدلات التضخم و تكاليف المعيشة بخلاف الركود المصاحب لعمليات بيع وشراء العقارات والتي اتسمت بالبطء منذ نصف عقد مضي.

وارتفعت الأسعار في المناطق الجديدة بنحو 25 إلى 35% خلال عام واحد فقط، مدفوعة بارتفاع تكلفة مواد البناء وعمليات التعويم المتكررة للجنيه، بينما انخفضت معدلات الإقبال على الشراء بنحو 40% بسبب ضعف السيولة وغلاء الأسعار.

ظواهر عقارية جديدة

وتسببت تلك الظروف في ظهور فئة جديدة من المشترين أطلق عليهم السوق لقب "المستثمر الآمن" وهي فئات تقوم  بشراء العقار ليس للسكن أو التأجير، بل فقط للحفاظ على قيمة الجنيه، حتى لو لم يحققوا عائدًا فوريًا.

لكن مع ارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية، زادت المخاطر في هذا النوع من الاستثمار، خصوصًا مع تأخّر بعض المطورين في التسليم أو رفع الأسعار بشكل مفاجئ.

وعلق هشام شكري، الخبير العقاري، في تصريحات له بأن  السوق بحاجة إلى إعادة هيكلة حقيقية، في ظل مرور السوق العقارية بمرحلة تصحيح للمسار، موضحًا أن الشراء الخاطئ للعقار في توقيت ليس مناسب يعد أمرًا مؤثرًا على الاستثمار والمدخرات وينبغى على كل مستثمر مراجعة حساباته في ذلك الشأن.

التحول نحو الإيجار والسكن الذكي

مع ارتفاع أسعار التمليك، بدأ كثير من المصريين خاصة شريحة الشباب، في تفضيل الإيجار طويل المدى بدل الشراء، خصوصًا في المدن الجديدة رغم أن الأسعار فاقت التوقعات.

كما بدأ السوق يشهد تحولًا نحو المشروعات الصغيرة والوحدات الذكية التي تناسب الدخول المتوسطة وتقدم خدمات رقمية، ما يعكس تغيرًا في ثقافة السكن والاستثمار العقاري.

بحسب دراسة لمؤسسة "Colliers International"، من المتوقع أن تشهد مصر بحلول نهاية 2025 زيادة بنسبة 18% في الطلب على الإيجار مقارنة بعام 2023، خصوصًا في القاهرة الجديدة والعاصمة الإدارية والشيخ زايد.

المغتربون والعقار الدولاري

تركز الحكومة في الوقت الحالي علي المصريين العاملين بالخارج في المشروعات العقارية وتعزيز فكر الاستثمار العقاري بالعملة الأجنبية سواء في مشروعات الإسكان المتوسط والفاخر وطرح الأراضي بالدولار بغرض تعزيز مصادرها من النقد الأجنبي وتشجيعهم على ضخ الأموال في مساراتها الشرعية والرسمية في مصر لدعم الاقتصاد القومي.

تمثل تلك الشريحة قوة شرائية حقيقية، لأنهم يشترون بالدولار، ما يمنح المطورين سيولة ويعزز السوق، لكنه في المقابل يرفع الأسعار أمام المواطن العادي الذي يتعامل بالجنيه.

وذكر تقرير صادر عن مجموعة البنك الدولي أن تحويلات المصريين بالخارج التي تجاوزت 30 مليار دولار سنويًا، أصبحت أحد المحركات الأساسية للطلب العقاري في مصر، خاصةً في المدن الساحلية والمشروعات السياحية.

فبالرغم من صعوبة إتاحة العقار بسعر مناسب بسبب زيادات الأسعار، إلا أنه لا يزال محتفظًا بقيمته على المدى البعيد ولا يسرى عليه قواعد وقوانين المضاربة قصيرة الأجل.

 

64258baf58.jpg
47f7771462.jpg
b07abfe6e6.jpg
d738bdeb74.jpg
7562bc7b7f.jpg
9c94040e3e.jpg
5f0c9d9181.jpg
ede81260e1.jpg
0ee92cbfc6.jpg
f1f8c578d5.jpg
د. على الإدريسي

 

b27713f317.jpg
هشام إبراهيم

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق