مرافعة تهز القلوب.. النيابة العامة تكشف كيف قتل أبٌ رضيعته بقدمَيه في البحيرة

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

شهدت قاعة محكمة جنايات مستأنف دمنهور مشهدًا مهيبًا أثناء مرافعة المستشار عمرو المعتصم، مدير النيابة العامة بكوم حمادة، في قضية أثارت الرأي العام بعد أن تجرد أب من كل مشاعر الإنسانية وأقدم على ابنته الرضيعة بسبب إنجابه الإناث.

استهل ممثل النيابة مرافعته بكلمات مؤثرة قال فيها: "الهيئة الموقرة، ألا إن الذنب لا يُنسى، وإن البر لا يبلى، وإن الديان لا يموت، اصنع ما شئت، فكما تدين تُدان، وبالكيل الذي تكيل به تُكال".

تابع المعتصم، قائلاً: "من أحلك سوداوات النفس وأظلم غياهب الضلال جئناكم اليوم بفاصل جديد من جرائم المفسدين في الأرض، فُجور وفساد وقتل للنفس التي حرّم الله قتلها إلا بالحق"، واستشهد بقول الله تعالى: ﴿وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا﴾.

وانتقل ممثل النيابة بعد ذلك إلى سرد وقائع القضية، موضحًا أن أحداثها بدأت منذ سنوات حين ارتبط المتهم بزوجته «أميرة»، التي قبلت به زوجًا على أمل حياة مستقرة يسودها الود والرحمة، لكنها فوجئت بعد الزواج بوجه آخر ملطخ بالقسوة والعنف، إذ بدأ في إساءة معاملتها وضربها دون سبب.

ورُزقت «أميرة» بابنتها الأولى نورا بعد ثلاث سنوات من الزواج، إلا أن الزوج قابل فرحتها بالفتاة بالضيق والغضب لكون المولودة «أنثى»، لتبدأ فصول جديدة من الإهانة والاعتداء.

وقال ممثل النيابة العامة، إن الزوج استمر في إذلال زوجته، يعيرها بعدم إنجاب الذكور، ويقارنها بزوجة شقيقه التي أنجبت ولدًا، مرددًا عبارات قاسية كـ«شايفة فلانة جابت ولد، وانتي مش عارفة تجيبي ولد زيهم إزاي؟»، تحملت الزوجة صابرةً أملاً في أن يلين قلب زوجها، حتى حملت مرة أخرى بعد عامين ونصف، لتُرزق بابنتها الثانية "سما"، إلا أن الزوج ضاق بها ذرعًا واعتدى عليها مجددًا بالضرب حتى كادت تفقد جنينها، ونجت بأعجوبة، رفض الأب حينها تسجيل الطفلة في الأوراق الرسمية لبغضه كونها أنثى، ولم يفعل ذلك إلا تحت ضغط الأهل والأقارب، ومع استمرار المعاناة، قررت الزوجة الهرب من جحيم حياتها، فاصطحبت طفلتيها للعمل في دار مسنين، أملاً في حياة آمنة بعيدًا عن العنف.

ويكمل المستشار عمرو المعتصم،:" لكن القدر كان يُخبئ لها مأساة جديدة، فبعد فترة قصيرة، حاول الزوج استدراجها بحجة علاج الطفلة الصغيرة التي كانت تعاني من الضعف والهزال، لتتفاجأ بأنه يهددها بفصلها عن طفلتيها وحرمانها من رؤيتهما، حاولت الأم الهرب مجددًا والتوجه إلى قسم الشرطة، لكن ضغوط والدها الذي وعدها بحل الأزمة أعادتها أدراجها، لتبقى الحسرة تملأ قلبها على فراق الصغيرتين".

ويستطرد المعتصم، إلى أن جاء يوم الواقعة الذي شهد أبشع الجرائم، حين تجسدت القسوة في أفظع صورها، ليكتب المتهم نهايته بيديه بعد أن سفك دمًا حرامًا لا مبرر له سوى الجهل والأنانية وضياع الضمير.

 

تفاصيل صادمة في قضية أب أنهى حياة طفلته "سما" بوحشية

وكشف المستشار عمرو المعتصم، أن المتهم استغل وجوده منفردًا بابنته داخل المنزل يوم 28 يوليو 2024، ليُقدم على قتلها عمدًا بعد تفكيرٍ مسبق، ظنًّا منه أنها "ليست فتىً يعينه على جمع المال"، فانهال عليها ضربًا ودهسًا حتى لفظت أنفاسها الأخيرة، مؤكدًا أن الواقعة ليست قضاءً وقدرًا، بل "جريمة مكتملة الأركان أزهقت روحًا بريئة بيد والدها".

وأوضح مدير النيابة أن المتهم حاول تضليل العدالة، مدعيًا أن الوفاة حدثت عرضًا إثر انقطاع الكهرباء، بينما كشفت تحريات المباحث وتقارير شركة الكهرباء عدم انقطاع التيار وقت الجريمة، ما نسف روايته تمامًا.

وأكدت التقارير الطبية الصادرة من مستشفى إيتاي البارود أن الطفلة وصلت جثة هامدة تحمل كدمات وسحجات متفرقة وكسرًا في الجمجمة ونزيفًا داخليًا بالمخ، وأن الوفاة ناتجة عن "دهس عنيف بالقدم". كما أثبت تقرير الطب الشرعي أن الجريمة جنائية وليست عرضية.

وأشار مدير النيابة إلى أن الجدة حاولت التغطية على نجلها بادعاء أنها شاهدت الحادث في الظلام أثناء انقطاع التيار، إلا أن استجواب النيابة لها كشف كذبها حين عجزت عن رؤية أي شيء داخل غرفة التحقيق بعد إطفاء الأنوار، لتقول نصًا: "هو أنا هشوف في الضلمة إزاي؟"

وأضاف المستشارعمرو المعتصم أن المتهم خضع لفحص طبي نفسي داخل مستشفى الأمراض النفسية والعصبية لمدة شهر، وجاء التقرير قاطعًا بأنه سليم العقل والإدراك ومسؤول مسؤولية كاملة عن أفعاله.

وكشفت التحقيقات أن المتهم كان يُسيء معاملة زوجته وبناته منذ سنوات، وأنه سبق وهدد بقتلهم جميعًا، كما شهد الطبيب أحمد مصطفى عليوة بأنه استقبل الزوجة والطفلتين قبل الحادث بأيام، وأن الأم قالت في حضوره: "أنا بهرب عشان عايزين يموتوني ويموتوا عيالي"، في دلالة واضحة على نية القاتل المسبقة.

وأكدت تحريات المباحث وشهادات الجيران أن المتهم يتمتع بكامل قواه العقلية، وأنه خطط ونفذ جريمته بوعيٍ كامل، قبل أن يحاول التظاهر بالجنون هربًا من العقاب.

وقال مدير النيابة: "نقف اليوم أمام قاتلٍ تجرد من الرحمة والضمير، قتل فلذة كبده بدمٍ باردٍ، وظن أن صمته سيخفي جريمته، ولكن صوت الطفلة (سما) سيظل شاهدًا على بشاعته. لقد أقامت النيابة العامة أدلتها يقينًا لا لبس فيه، وتلتمس من عدالتكم القصاص العادل، ليكون عبرةً لمن استباح دمًا بريئًا واحتقر الإناث."

وختم المستشار عمرو المعتصم مرافعته قائلاً:"لقد جئناكم اليوم لنرفع صوت الحق، لا نطلب إلا القصاص العادل الذي يردع كل من تسوّل له نفسه أن يعبث بأمن الأسرة والمجتمع، إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والعدل سيظل قائمًا ما بقي في هذه الأرض قاضٍ يصدح بالحق."

e07cdebcdf.jpg
8aafcf98d5.jpg
b0aca0f7de.jpg
19d108fb66.jpg
073a85702a.jpg
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق