أعلنت الوكالة الصينية للفضاء المأهول أن طاقم مهمة “شنتشو-20” لن يعود إلى الأرض في موعده المقرر، بعد رصد “حادث طفيف” في المدار المحيط بمحطة “تيانغونغ”، يُعتقد أنه ناتج عن اصطدام محتمل بشظايا فضائية.
الوكالة قالت في بيانها إن “التحليل الهندسي جارٍ لتقييم أي ضرر محتمل في هيكل المركبة”، مؤكدة أن رواد الفضاء الثلاثة بصحة جيدة وأن الإمدادات تكفيهم لفترة أطول من المخطط.
لكن قرار التمديد، الذي جاء دون جدول زمني محدد للعودة، أثار تساؤلات حول جاهزية البنية التحتية الصينية في مواجهة طوارئ الفضاء، خاصة في ظل ازدياد مخاطر نفايات المدار الأرضي المنخفض.
تفاصيل الحادث ومخاوف الأمان
تشير تقارير أولية إلى أن أجهزة الاستشعار على متن محطة “تيانغونغ” رصدت تذبذباً طفيفاً في أحد الألواح الشمسية بعد مرور جسم معدني مجهول قرب المركبة.
مصدر في مركز مراقبة الفضاء الصيني قال لوسائل الإعلام المحلية إن “الطاقم لم يتعرض لأي خطر مباشر”، لكن المهندسين فضّلوا عدم المخاطرة بعملية العودة حتى التأكد من سلامة الدرع الحراري وكبسولة الهبوط.
ويُعتقد أن هذا القرار يعكس تغيراً في سياسة وكالة الفضاء الصينية، التي أصبحت تميل إلى الاحتراز والتأني في القرارات التشغيلية، خصوصاً بعد تزايد الحوادث المدارية حول العالم.
محطة “تيانغونغ”.. فخر الصين العلمي في مأزق مؤقت
تمثل محطة “تيانغونغ” (التي تعني “القصر السماوي”) رمز السيادة التكنولوجية الصينية في الفضاء.
ومنذ إطلاقها الكامل عام 2022، استضافت ست بعثات مأهولة، كانت “شنتشو-20” أحدثها، بهدف إجراء تجارب فيزيائية وطبية ودراسة تأثير انعدام الجاذبية على النباتات والبشر.
وبحسب وكالة “شينخوا”، فإن هذه المهمة كانت ستستمر 180 يوماً فقط، إلا أن “عوامل غير متوقعة” مددت المدة إلى أجل غير مسمى.
ورغم التحدي، أكد البيان الرسمي أن المحطة تعمل بكفاءة وأن الطاقم يواصل تجاربه العلمية بشكل طبيعي.
التحدي الأكبر: نفايات الفضاء تهدد الجميع
الحادثة تسلط الضوء على مشكلة متفاقمة تواجه جميع وكالات الفضاء العالمية: تزايد الشظايا المدارية الناتجة عن بقايا الصواريخ والأقمار الصناعية المنتهية.
تقدّر “ناسا” وجود أكثر من 130 مليون قطعة نفايات تدور حول الأرض بسرعات هائلة، ما يجعل أي اصطدام—even لو بجزء صغير بحجم المسمار—خطيراً على المحطات والمركبات المأهولة.
ووفق خبراء، فإن الحادث الأخير قد يعجّل في تشكيل تعاون دولي لتطوير أنظمة دفاع مداري وإنذار مبكر، خاصة بعد حوادث مشابهة أصابت محطة الفضاء الدولية في السنوات الماضية.
الصين بين الطموح والاختبار
تمثل أزمة “شنتشو-20” اختباراً حقيقياً لقدرة الصين على إدارة أزماتها الفضائية دون دعم خارجي.
فبينما تتجه الولايات المتحدة وأوروبا لتقليص الاعتماد على المحطة الدولية استعداداً لمشاريع خاصة، تسعى بكين إلى تثبيت وجودها كقوة فضائية مكتفية ذاتياً.
ويرى مراقبون أن طريقة تعاملها مع هذه الأزمة ستكون مؤشراً على مدى نضج برنامجها المأهول، خصوصاً مع إطلاق الجيل الجديد من مركبات “شنتشو-21” التي بدأت رحلاتها في أكتوبر الماضي.
المجهول في انتظار “العودة الآمنة”
حتى اللحظة، لا تزال الصين تلتزم الصمت حول موعد محدد لإعادة الطاقم، مكتفية بالقول إن “الأولوية القصوى هي السلامة”.
وفيما يترقب العالم نهاية هذه القصة، تبقى البعثة الصينية عالقة بين العلم والمجهول، ترمز إلى التحدي الذي يواجهه الإنسان في مغامرته الكبرى خارج الأرض.
وفي الوقت الذي تواصل فيه “تيانغونغ” الدوران في صمت على ارتفاع 400 كيلومتر من الأرض، يبدو أن الفضاء لا يمنح نجاحاً دون اختبارٍ قاسٍ يليق بطموح البشر.














0 تعليق