حذرت الأمم المتحدة من تباين صارخ في تحسن الأمن الغذائي بين المناطق السودانية التي شهدت انحسارا في العنف، وتفاقم الجوع الذي شهدته تلك المتضررة بشدة من النزاع، والتي إما انقطعت عنها المساعدات الإنسانية أو خضعت للحصار. وبحسب مركز إعلام الأمم المتحدة، أكد أحدث تحليل أجرته لجنة مراجعة المجاعة بالتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي حدوث المجاعة في مدينتي الفاشر عاصمة شمال دارفور، وكادقلي عاصمة جنوب كردفان المحاصرتين، حيث عانى السكان لأشهر من انعدام وصول موثوق للغذاء أو الرعاية الطبية.
كما أكدت اللجنة أن هناك 20 منطقة إضافية في دارفور الكبرى وكردفان الكبرى معرضة لخطر المجاعة، بما في ذلك عدة مواقع جديدة في شرق دارفور وجنوب كردفان.
ومع ذلك، أظهر التحليل تحسنا طفيفا في الوضع العام للأمن الغذائي في البلاد، مؤكدا أن 3.4 مليون شخص لم يعودوا يواجهون مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة وما فوق) من الجوع مقارنة بالتحليل السابق، ما يخفض العدد الإجمالي إلى ما يقدر بنحو 21.2 مليون شخص - أو 45% من سكان البلاد.
وتعزى التحسينات إلى الاستقرار التدريجي وزيادة الوصول الإنساني في ولايات الخرطوم والجزيرة وسنار، حيث خفت حدة الصراع منذ مايو من هذا العام.
ودعا برنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) واليونيسف في بيان مشترك، إلى إنهاء الأعمال العدائية وتوفير وصول إنساني آمن ودون عوائق ومستدام لمنع مزيد من الخسائر في الأرواح وحماية سبل العيش في السودان.
وحذرت الوكالات الأممية الثلاث من أن المكاسب الواردة في التحليل، محدودة ومحلية للغاية، موضحة أن الأسر العائدة إلى ولايتي الخرطوم والجزيرة فقدت كل شيء وستكافح للاستفادة من الظروف الزراعية الجيدة المتوقعة.
وفي هذا السياق، أكد مدير الطوارئ والمرونة لدى الفاو راين بولسن، التزام المنظمة بدعم المجتمعات، مضيفا أن استعادة الوصول وتمكين الإنتاج الغذائي المحلي "ضروريان لإنقاذ الأرواح وحماية سبل العيش".
بالإضافة إلى أزمة الجوع في المناطق المتضررة من النزاع، يستمر تفشي الكوليرا والملاريا والحصبة في الارتفاع في المناطق التي انهارت فيها أنظمة الصحة والمياه والصرف الصحي، مما يزيد خطر الوفاة بين الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.
بدورها، قالت مديرة عمليات الطوارئ في اليونيسف لوسيا إلمي، "إن المزيج المميت من الجوع والمرض والنزوح يُعرّض ملايين الأطفال للخطر، وأن الفتيات غالبا ما يتحملن العبء الأكبر، إذ يواجهن مخاطر متزايدة لسوء التغذية والعنف القائم على النوع الاجتماعي، ويخرجن من المدارس".
وأكدت لوسيا "أن الغذاء العلاجي والمياه النظيفة والأدوية الأساسية والخدمات الصحية يمكن أن تنقذ الأرواح، "ولكن فقط إذا تمكنا من الوصول إلى الأطفال في الوقت المناسب".
من جهته، سلط مدير عمليات الطوارئ في برنامج الأغذية العالمي "روس سميث" الضوء على النتائج الملحوظة عند تقديم المساعدات الحيوية، حيث "تعيد الأسر بناء نفسها، وتنتعش الأسواق، ويحصل الأطفال على الغذاء الذي يحتاجونه للبقاء على قيد الحياة".
لكنه حذّر من أن الصراع "لا يزال يحدد من يأكل ومن لا يأكل"، إذ تدفع مجتمعات عديدة نحو المجاعة لمجرد تعذر الوصول إليها، مضيفا: "نحن بحاجة إلى تمويل إضافي ووصول مستدام ودون عوائق - الآن - لوقف انتشار المجاعة".
وأكدت الوكالات الأممية الثلاث أنها تعطي الأولوية للمناطق الأكثر تضررا من خلال توفير الدعم المتكامل في مجالات الغذاء والتغذية والصحة والمياه والصرف الصحي والنظافة والحماية والصحة الزراعية والحيوانية.
إلا أنها شددت على أن الوصول لا يزال غير متسق، وكثيرا ما يُستهدف العاملون الإنسانيون والإمدادات، بينما تواجه قوافل المساعدات التأخير والرفض والتهديدات الأمنية، مشيرة إلى أنه بدون وصول آمن مستدام، وتمويل كافٍ، وإنهاء العنف، "ستستمر المجاعة في إزهاق الأرواح في السودان".







0 تعليق