في لقاء نادر جمع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ مع أحد الإعلاميين في فترة الستينيات، تحدث بصراحة وصدق شديدين عن رؤيته لعمالقة الفن الذين صنعوا تاريخ الغناء العربي، وعلى رأسهم كوكب الشرق أم كلثوم والموسيقار محمد عبد الوهاب، ليكشف عن تقدير عميق واحترام بالغ لهذين الاسمين اللذين يعتبرهما “ظاهرتين لا تتكرران”.
رأي عبد الحليم حافظ في أم كلثوم
قال عبد الحليم حافظ في هذا اللقاء الذي يرصده موقع تحيا مصر: لا يستطيع أحد أن يحمل المسئولية بعد عبد الوهاب وأم كلثوم بهذه البساطة، لأن دول ناس معجزات لا تتكرر.. مفيش مطربة هتيجي زي أم كلثوم ولو بعد مليون سنة لأنها معجزة محدش ممكن يوصلها.
كلمات العندليب جاءت لتؤكد مكانة أم كلثوم الاستثنائية في وجدانه، إذ لم يكن يرى فيها مجرد مطربة عظيمة، بل رمزًا خالدًا تجاوز حدود الزمن، وصوتًا لا يمكن تكراره مهما مرّت السنوات.
خلاف عبد الحليم حافظ وأم كلثوم
تجمع علاقة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ وكوكب الشرق أم كلثوم الكثير من التفاصيل الإنسانية والفنية التي صنعت واحدة من أبرز الحكايات في تاريخ الغناء العربي، ورغم أن كليهما كان أيقونة في مجاله، إلا أن علاقتهما لم تكن خالية من التوتر، بل تخللتها فترات من الود والاحترام المتبادل، وأخرى من الخلاف والخصام العابر.
لكن رغم هذا التقدير، لم تخلُ العلاقة من بعض الخلافات، أشهرها ما حدث عام 1964 في إحدى احتفالات ثورة يوليو، عندما كان من المقرر أن يغني عبد الحليم بعد وصلتها، إلا أن أم كلثوم أطالت الغناء حتى وقت متأخر، وعندما صعد عبد الحليم إلى المسرح، ألقى جملة ساخرة قال فيها: “إن أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب أصروا إني أغني في الوقت ده، ومش عارف ده شرف ليَّ ولا مقلب!”، وهي عبارة أثارت غضب أم كلثوم وجعلتها تقاطعه لعدة سنوات، حيث مُنع بعدها من الغناء في حفلات الثورة الرسمية.
دام الخلاف بينهما نحو خمس سنوات، قبل أن تنتهي الأزمة بمشهد يحمل رمزية كبيرة، ففي حفل خطبة ابنة الرئيس أنور السادات عام 1970، اقترب عبد الحليم من أم كلثوم وقبّل يدها أمام الحضور، فردت عليه ضاحكة: “أنت عقلت ولا لسه؟”، لتطوي بهذه العبارة صفحة الخلاف ويعود الود بينهما من جديد. وقد ظل عبد الحليم بعد تلك الواقعة يتحدث عنها بكل احترام، مؤكدًا أنها كانت رمزًا لا يمكن تجاوزه في تاريخ الغناء العربي.
علاقة عبد الحليم حافظ وأم كلثوم
العلاقة بين أم كلثوم وعبد الحليم حافظ يمكن وصفها بأنها علاقة إعجابٍ من جيلٍ جديد بجيلٍ صنع التاريخ، وصراعٍ فنيٍّ مشروع على المكانة، فبينما كانت أم كلثوم تمثل المدرسة الكلاسيكية الراسخة ذات الحضور الأبوي في الفن، جاء عبد الحليم بروح التجديد والتمرد على القوالب القديمة، ومع ذلك، لم يلغِ هذا التباين عمق الاحترام بين الطرفين، بل أضاف إلى التاريخ الفني العربي لحظات إنسانية تكشف أن وراء كل صراع فني حقيقي، حبًا خفيًا للفن نفسه.











0 تعليق