هو سابع أئمة أهل البيت عليهم السلام، وأحد أبرز أعلام الإسلام فى الزهد والعلم والصبر ومقارعة الظلم، اشتهر بلقب «الكاظم» لشدة كظمه الغيظ وحلمه وصبره، حتى على من أساء إليه، كانت حياته مزيجًا من العبادة والجهاد المعنوى والسياسى فى زمن اشتد فيه الصراع بين الحق والباطل، لا سيما فى عهد العباسيين.
الاسم والنسب والمولد
الاسم: موسى بن جعفر بن محمد بن علىّ بن الحسين بن علىّ بن أبى طالب عليهم السلام.
اللقب: الكاظم، والصابر، والعبد الصالح، وباب الحوائج.
الكنية: أبوالحسن الأول.
- الأب: الإمام جعفر الصادق عليه السلام «الإمام السادس».
- الأم: حميدة المصفاة، وهى من أفضل نساء عصرها.
- المولد: وُلد فى الأبواء «بين مكة والمدينة» فى 7 صفر سنة 128هـ.
ملامح شخصيته ومناقبه
العلم
الإمام موسى الكاظم عليه السلام، من كبار علماء أهل البيت وكان يُشار إليه بالبنان فى زمانه، حتى إن العلماء المعاصرين له من المذاهب الأخرى كانوا يعترفون بعلمه، وقد تتلمذ على يده عدد كبير من الفقهاء والمحدّثين.
العبادة والزهد
لقّب بـ«العبد الصالح» لأنه كان كثير العبادة، طويل السجود، دائم الصيام والقيام، روى عنه أنه كان يُصلّى نوافل الليل ويبكى من خشية الله كثيرًا.
الحِلم وكظم الغيظ
من أبرز صفاته كظم الغيظ، فكان يُقابل المسيئين بالعفو والإحسان، رُوى أن رجلًا من بنى العباس كان يسىء إليه مرارًا، فزار الإمام مزرعته ذات يوم وأكرمه حتى تاب ذلك الرجل وأعلن توبته.
أقوال الإمام موسى الكاظم
من أقواله الخالدة
- فى العقل والجهل: ليس حسن الجوار كفّ الأذى، ولكن حسن الجوار صبرك على الأذى.
- فى العبادة: اجتهدوا فى أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعة لمناجاة الله، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان، وساعة تخلون فيها للذّة النفس فى غير محرّم.
- فى العدل: من لم يكن له واعظ من نفسه، فإن مواعظ الناس لن تغنى عنه شيئًا.
- فى الأخلاق: من كفّ غضبه عن الناس، كفّ الله عنه غضبه يوم القيامة.
مكانته عند العلماء والمحبين
قال فيه الإمام الرضا «ابنه» عليه السلام: ما رأيتُ أبى أغضب قطّ على من ظلمه، بل كان يدعو له ويعفو عنه.
قال الذهبى: كان موسى بن جعفر من كبار الزهاد والعباد، وكان يُسمى كاظم الغيظ لكثرة حلمه.
وقال الشبلنجى فى «نور الأبصار»: كان موسى الكاظم عظيم القدر، كثير الخير، وكان يُعرف عند العامة والخاصة بباب الحوائج إلى الله تعالى.
محنته مع الخلفاء العباسيين
عاصر الإمام الكاظم عددًا من خلفاء بنى العباس، وأشدّهم قسوة كان هارون الرشيد، بسبب مواقف الإمام المعارضة لظلم العباسيين، زُجّ به فى السجن مرات عديدة، وكانت سجونه طويلة وشاقة. وُضع فى سجون مختلفة، منها:
- سجن البصرة عند عيسى بن جعفر.
- سجن بغداد عند الفضل بن الربيع، ثم الفضل بن يحيى.
- وأخيرًا عند السندى بن شاهك، وهو الذى يُعتقد أنه دسّ له السمّ.
شهادته ومكان دفنه
- تاريخ الشهادة: 25 رجب سنة 183هـ، أو 179هـ، على رواية أخرى.
- مكان الوفاة: سجن السندى بن شاهك، فى بغداد.
- سبب الوفاة: السُم المدسوس.
- المدفن: فى الكاظمية، إحدى مناطق بغداد، وسميت نسبة إليه.
- مرقده: من أهم المزارات فى العراق والعالم الإسلامى، يعرف اليوم بـ«مرقد الإمام الكاظم».
كراماته ولقبه «باب الحوائج»
بعد وفاته، شاع لقبه بـ«باب الحوائج»، لكثرة ما نقل من قضاء الحوائج عند ضريحه، وقد جُربت بركته فى أمور لا تُحصى من شفاء ونجاة ورزق.
أبرز من مدحه وأثنى عليه
- ابن حجر الهيتمى: موسى الكاظم من أهل الكرامات والمقامات العالية.
- الخطيب البغدادى: كان موسى بن جعفر يُلقب بالعبد الصالح لحسن عبادته وطول سجوده.
أشهر تلاميذه
على بن يقطين الوزير فى بلاط هارون، هشام بن الحكم، يونس بن عبدالرحمن، الحسن بن محمد النخعى، صفوان الجمال.
يبقى الإمام موسى الكاظم عليه السلام مثالًا فريدًا للقيادة الربانية، جمع بين العلم والحلم والزهد والسياسة والعبادة، حياته كانت مليئة بالتحديات، ومع ذلك بقى صامدًا، محتسبًا، مُصلحًا.
مثّل الامتداد الحقيقى لنهج رسول الله «صلى الله عليه وآله وأهل البيت عليهم السلام»، وكان سفيرًا للحق فى وجه الطغيان.










0 تعليق