طقس «القرعة الهيكلية» علامة فارقة في التراث الكنسي القبطي

البوابة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تُعدّ «القرعة الهيكلية» من أكثر الطقوس إثارة للنقاش داخل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نظرًا لارتباطها بأقدس مراحل اختيار البطريرك، رأس الكنيسة وخليفة القديس مرقس الرسول، وقد تناولها الأنبا غريغوريوس في كتابه الصادر عام 1971، مقدّمًا رؤية نقدية جمعت بين اللاهوت والمنطق القانوني الكنسي.

 تعريف القرعة الهيكلية

هي المرحلة الأخيرة في انتخاب بطريرك الإسكندرية، حيث يُختار واحد من ثلاثة مرشحين عبر سحب ورقة من إناء موضوع على المذبح أثناء القداس الإلهي، تُعرف أيضًا باسم «القرعة الإلهية»، وقد أُدرجت رسميًا في لائحة انتخاب البطريرك عام 1957، رغم أنها لم تكن جزءًا من التقاليد القديمة.

خطوات إجراء القرعة الهيكلية

• فتح باب الترشيح للرهبان أو الأساقفة المستوفين للشروط
تصويت الناخبين لاختيار 5–7 مرشحين
فرز الأصوات واختيار الثلاثة الأوائل
كتابة الأسماء في أوراق متطابقة الشكل
وضع الأوراق في إناء على المذبح أثناء القداس
 اختيار طفل صغير لسحب ورقة واحدة
 إعلان الاسم المختار كبطريرك جديد


تتم هذه المراسم في أجواء من الصلوات والتراتيل، وتُعتبر قمة اللحظة الروحية في الانتخاب.

الجذور التاريخية والكتابية

يرتبط أصل الفكرة بنص في سفر أعمال الرسل (1:26)، حين أُجريت قرعة لاختيار متياس.
أما تاريخيًا، فقد استخدمت الكنيسة القبطية القرعة في حالات نادرة مثل:

البابا كردونوس الرابع
 البابا يوحنا الرابع
 البابا ميخائيل الثالث
البابا غبريال الثالث
البابا متاؤس الرابع


وكانت غالبًا حلولًا روحية في أوقات الانقسام، قبل أن يُعاد إقرارها رسميًا في القرن العشرين.

 موقف الأنبا غريغوريوس: تحليل نقدي

من الناحية اللاهوتية

رأى أن القرعة لا تضمن إرادة الله، متسائلًا: لماذا لا نضع ورقة بيضاء؟

من الناحية القانونية

أكد أنها لم ترد في أي قانون كنسي أو مجمع مسكوني، بل أُدرجت حديثًا دون سند تقليدي.

من الناحية العقلانية

اعتبر أن الاعتماد على القرعة يُضعف من قيمة الاختيار المدروس، ويتنافى مع الإيمان الواعي.

الجدل بين التأييد والرفض

 المؤيدون: يرون أنها تحفظ قدسية القرار وتُجنب النزاعات
المعارضون: يعتبرونها ممارسة غير ديمقراطية تحمل طابع الحظ، ودعوا إلى مراجعتها


 تطبيق معاصر: انتخاب البابا تواضروس الثاني

في 4 نوفمبر 2012، أُجريت القرعة الهيكلية لاختيار خليفة البابا شنودة الثالث.
وصل للمرحلة النهائية:

الأنبا رافائيل
الأنبا تواضروس
القس رافائيل أفامينا

وقد اختير الأنبا تواضروس في قداس مهيب، ليصبح البطريرك رقم 118، في يوم صادف عيد ميلاده.

 بين الرمزية والمراجعة

يبقى طقس «القرعة الهيكلية» علامة فارقة في التراث الكنسي القبطي، يجمع بين الرمزية الروحية والتقاليد. لكن تحليل الأنبا غريغوريوس يفتح بابًا للتأمل في مدى توافق هذا الطقس مع روح الكنيسة الأولى، داعيًا إلى التوازن بين الإيمان والتدبير، وبين القداسة العقل.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق