عندما قال الرئيس عبدالناصر لهيكل: «يوديك أنت فى داهية»

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

فى سنة ١٩٥٧ حصل الأستاذ نجيب محفـوظ على «جائزة الدولة» على ما قدمه من أدب وفكر، وتكريما له أقام الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس حفلا فى منزله، ودعا إليه عددًا كبيرا من الكتاب والصحفيين، وفى هذا الحفل لعبت الصدفة أعظم دور فى حياة أديب نوبل إذ حضر الأستاذ علي حمدى الجمال، وكان يشغل وقتئذ مدير تحرير جريدة الأهرام وفوجئ أديب نوبل  بأنه يريد منه رواية لتنشر فى جريدة الأهرام على حلقات مسلسلة، وبالفعل وعده بأن الرواية الجديدة التى سيكتبها وسيرسلها إلى جريدة الاهرام، وعندما انتهى من كتابة رواية «أولاد حارتنا» في شهر أبريل سنة ١٩٥٨، تذكر الوعد الذى قطعه على نفسه، فاتصل بالأستاذ على حمدى الجمال، واتفق على موعد، وذهب إليه بأوراق الرواية التى قرأها وأعجب بها وصرح بنشرها دون أى ملاحظات.

وهنا يعلق أديب نوبل على موافقة مدير تحرير جريدة الأهرام  يومئذ بأنه يبدو أن قرأها على أنها رواية عادية عن حارة مصرية يقع بها صراع بين مجموعة من الفتوات.‏

وحكى أديب نوبل نجيب محفوظ  عن لقاء الرئيس جمال عبدالناصر  به  فقال:

-أذكر أن المرة الوحيدة التى قابلت فيها عبدالناصر وكلمته وجهًا لوجه كانت أثناء زيارته لمبنى «الأهرام» الجديد، في ذلك  اليوم مر عبد الناصر على حجرة يجلس فيها أدباء «الأهرام»، وكان يرافقه الأستاذ  محمد حسنين هيكل في جولته وأذكر ممن كانوا موجودين معنا في الحجرة: حسين فوزى وصلاح جاهين وصلاح طاهر، وعندما جاء دورى في مصافحة الرئيس قال لى وهو يبتسم: «إيه يا نجيب. بقى لنا زمان ماقريناش لك حاجة؟»!

ورد عليه الأستاذ محمد حسنين هيكل: بأن جريدة الأهرام ستنشر له قصة غدًا ثم أردف  عن القصة التى ستنشر وهى رواية أولاد حارتنا قائلا: «ولكنها من النوع الذى يودى في داهية»!

وعقب الرئيس جمال عبدالناصر على الجملة الأخيرة بقوله: «يوديك أنت فى داهية»!

‫ ‏وبدأت بالفعل جريدة «الأهرام» في نشر رواية أولاد حارتنا مسلسلة، وكانت ‫افتتاحيتها: 

«هذه حكاية حارتنا، أو حكايات حارتنا وهو الأصدق.. لم أشهد من واقعها إلا طورها الأخير الذي عاصرته، ولكني سجلتها جميعًا كما يرويها الرواة وما أكثرهم.

 جميع أبناء حارتنا يروون هذه الحكايات!.. يرويها كلٌّ كما يسمعها في قهوة حيِّه أو كما نُقلت إليه خلال الأجيال، ولا سند لي فيما كتبت إلا هذه المصادر.

وما أكثر المناسبات التي تدعو إلى ترديد الحكايات!.. كلما ضاق أحد بحاله، أو ناء بظلم أو سوء معاملة، أشار إلى البيت الكبير على رأس الحارة من ناحيتها المتصلة بالصحراء وقال في حسرة: 

«هذا بيت جدّنا، جميعنا من صلبه، ونحن مستحقو أوقافه، فلماذا نجوع؟ وكيف نُضام؟»!

ثم يأخذ في قَصِّ القصص والاستشهاد بسِيَر أدهم وجبل ورفاعة وقاسم من أولاد حارتنا الأمجاد.

 ومرت حلقاتها الأولى دون أن تظهر أى ملاحظات عليها، فالجزء الأول من الرواية لا يسبب أية مشاكل. ولكن الأزمة بدأت بعد أن نشرت الصفحة الأدبية بجريدة «الجمهورية» خبرًا يلفت فيه كاتبه النظر إلى أن الرواية المسلسلة  التى تنشرها جريدة «الأهرام» فيها تعريض بالأنبياء. بعد هذا الخبر المثير، بدأ البعض، ومن بينهم أدباء للأسف- وهذا  ما صرح به أدبب نوبل نجيب محفوظ  للأستاذ رجاء النقاش فى حواره له- في إرسال عرائض وشكاوى إلى النيابة العامة ومشيخة الأزهر، بل وإلى رئاسة الجمهورية، يطالبون فيها بوقف نشر الرواية وتقديم  نجيب محفوظ إلى المحاكمة.

الأسبوع المقبل بإذن الله أكمل ما تم بعد نشر رواية أولاد حارتنا  في جريدة الأهرام.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق تاريخنا هويتنا.. ضمن مبادرة بداية جديدة في دمياط
التالى الإسماعيلية.. مناقشة مشروعات الطرق العاجلة في "حياة كريمة" بمركزي أبوصوير والقنطرة غرب