أثار قرار مجلس الأمن الدولي الأخير، الداعم لخطة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، نقاشًا واسعًا حول التحولات المقبلة في الموقفين الأميركي والإقليمي من هذا الملف المعقد.
وبحسب ما نقل موقع سكاي نيوز عربية، فإن واشنطن لعبت الدور المحوري في تمرير القرار وصياغة مضمونه بما يتماشى مع رؤية المغرب للحل السياسي، وهو ما اعتُبر انتصارًا دبلوماسيًا للرباط ورسالة دعم قوية لمبادرة الحكم الذاتي.
ويرى مراقبون أن الموقف الأميركي يعكس توجهًا جديدًا نحو ترسيخ مقاربة قائمة على دعم الاستقرار وإعادة ترتيب التوازنات في شمال إفريقيا، في مواجهة تنامي النفوذين الروسي والصيني في المنطقة.
من الاعتراف إلى التمكين الدبلوماسي
منذ اعتراف إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عام 2020 بسيادة المغرب على الصحراء، تحول الموقف الأميركي من الحياد إلى الدعم الواضح للرباط.
وقد كرّست الإدارات اللاحقة هذا التوجه عبر قرارات متعاقبة لمجلس الأمن، كان آخرها القرار الحالي الذي أُقر بدعم مباشر من واشنطن، رغم امتناع روسيا والصين وباكستان عن التصويت وعدم مشاركة الجزائر.
وتنص خطة الحكم الذاتي، التي قدمها المغرب عام 2007، على إنشاء سلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية منتخبة محليًا في الصحراء، بينما تحتفظ الرباط بإدارة الشؤون الدفاعية والخارجية والدينية.
وتعتبر واشنطن هذه الخطة "الحل الواقعي الوحيد" لإنهاء النزاع دون المساس باستقرار المنطقة، خصوصًا مع تصاعد التهديدات الأمنية في الساحل الإفريقي.
وساطة أميركية ودبلوماسية مرنة
يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، ريتشارد تشاسدي، أن القرار الأممي "جاء نتيجة وساطة أميركية مباشرة"، موضحًا أن الاستقرار السياسي في شمال إفريقيا بات أولوية استراتيجية لواشنطن بالنظر إلى الاستثمارات والمصالح الاقتصادية الكبرى في المنطقة.
وأضاف أن إبقاء الباب مفتوحًا أمام جبهة البوليساريو يتيح للولايات المتحدة هامش مناورة أوسع لتخفيف الانتقادات الدولية التي ترى القرار منحازًا للمغرب، مشيرًا إلى أن تمديد ولاية بعثة المينورسو لعام إضافي يمنح المجتمع الدولي مزيدًا من الوقت لبلورة حلول توافقية.
ورجّح تشاسدي ثلاثة سيناريوهات محتملة في المرحلة المقبلة: الأول هو تصعيد جزائري عبر دعم البوليساريو، والثاني استمرار الوضع القائم دون تقدم ملموس، أما الثالث والأفضل فهو التوصل إلى اتفاق سياسي شامل يوقف دورة الصراع الممتدة منذ عقود.
تحول نوعي في موازين القوى
من جانبه، أكد مدير التحالف الأميركي الشرق أوسطي للديمقراطية، توم حرب، أن القرار يمثل "تحولًا نوعيًا يغير قواعد اللعبة بين المغرب والجزائر"، لافتًا إلى أن "الرباط حققت مكسبًا دبلوماسيًا كبيرًا بعدما أيدت 11 دولة داخل المجلس مبادرتها للحكم الذاتي".
وأشار حرب إلى أن "الولايات المتحدة كانت اللاعب الرئيسي في إدارة القرار داخل مجلس الأمن"، موضحًا أن هناك "تفاهمًا أميركيًا–روسيًا ضمنيًا حول تقليص نفوذ جبهة البوليساريو التي ظلت على علاقة وثيقة بموسكو".
وأضاف أن المرحلة المقبلة قد تشهد "اعترافات دولية جديدة بالحكم الذاتي المغربي وافتتاح قنصليات واستثمارات في مدن الصحراء، إلى جانب تعزيز التعاون العسكري من خلال مناورات مشتركة"، معتبرًا أن "الجزائر باتت أمام واقع جديد يتطلب مراجعة حساباتها الاستراتيجية في المنطقة".
















0 تعليق