تستعد مصر غدًا السبت لحدث تاريخي طال انتظاره، هو افتتاح المتحف المصري الكبير، أضخم مشروع ثقافي وأثري في القرن الحادي والعشرين، وواجهة جديدة تُجسد حضارة سبعة آلاف عام من الإبداع الإنساني. الافتتاح الذي يترقبه العالم بأسره ليس مجرد فعالية فنية أو سياحية، بل هو إعلان جديد عن عودة القوة الناعمة المصرية إلى مقدمة المشهد العالمي، ورسالة تؤكد أن الدولة التي أنجبت أول حضارة على وجه الأرض ما زالت قادرة على صياغة المستقبل كما صاغت التاريخ.
في محيط الأهرامات، حيث يقف المتحف الكبير شامخًا كقطعة من الزمن المنحوت بالحجر، تكتمل ملامح الحلم المصري الذي بدأ منذ أكثر من عقدين، وها هو يتحقق على يد الدولة المصرية الحديثة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، لتفتح مصر صفحة جديدة من التنوير والإبداع والتواصل مع العالم. أكثر من 450 مراسلًا من كبريات الوكالات والصحف العالمية سيغطون الحدث، فيما تشارك وفود رسمية ورؤساء دول كبرى لتشهد لحظة ميلاد متحف يليق بعظمة مصر ومكانتها.
بينما ترفرف الأعلام وتعلو الأغاني الوطنية، يعيش المصريون حالة فخر واعتزاز لا تُخطئها العين. فالمتحف الكبير ليس مجرد صرح أثري؛ بل هو رمز لنجاح الإرادة الوطنية في مواجهة التحديات، وتأكيد على أن مصر تسير بخطى واثقة نحو المستقبل رغم كل محاولات التشويه التي تتعرض لها من خصوم الداخل والخارج.
وفي الجهة الأخرى من المشهد، لم تستطع جماعة الإخوان الإرهابية إخفاء مرارة الفشل وخيبة الأمل. فبينما تحتفل القاهرة، تغرق أبواق الجماعة في إسطنبول ولندن في حملات بائسة لتشويه الافتتاح والتقليل من قيمته، مستخدمة ما تبقى من منصاتها الإعلامية المأجورة. محاولاتهم للتقليل من الحدث بدت هزيلة أمام سيل الإشادات الدولية، وأمام صور المصريين المحتشدين فخرًا بإنجازهم.
لقد حاولت أذرع التنظيم الدولي رصد ملايين الدولارات لتمويل حملات إلكترونية تستهدف النيل من الحدث وترويج الأكاذيب حول تكلفته وجدواه، لكن وعي المصريين وإدراكهم لحجم الإنجاز أحبط تلك المحاولات قبل أن تبدأ. فالشعب الذي عاش سنوات من التحدي بات يدرك تمامًا من يعمل لصالح الوطن ومن يعمل ضد استقراره.
إن بكاء الجماعة الإرهابية اليوم ليس بكاء حُبٍّ لمصر أو غيرة على تاريخها، بل دموع قهرٍ على فشلهم المتكرر في تشويه أي إنجاز وطني. لقد أرادوا أن يُطفئوا فرحة المصريين فزادهم الحدث إشراقًا، وأرادوا أن يُقنعوا العالم بأن مصر عاجزة عن النهوض، فإذا بالمتحف الكبير يقف دليلًا على أن مصر لا تعرف المستحيل.
المفارقة أن الإخوان الذين طالما استخدموا خطاب "الهوية" و"الأصالة" في دعايتهم السوداء، يقفون اليوم ضد أعظم مشروع يجسد هوية مصر الحقيقية وحضارتها الراسخة. فبينما تسعى الدولة لاستعادة الوجه المشرق للحضارة المصرية وجعلها مركز جذب عالمي، يعيشون هم في ظلام الفكر المتطرف وضيق الأفق العقائدي.
إن افتتاح المتحف الكبير هو انتصار للثقافة على الإرهاب، وللحضارة على الجهل، وللحياة على الكراهية. فمصر التي واجهت محاولات هدمها منذ 2011 أثبتت أنها قادرة على البناء والتجديد، وأنها لا تلتفت إلى صراخ الهاربين ولا إلى دموع الحاقدين.
غدًا، ستتجه أنظار العالم إلى القاهرة، وستكتب الصحف عن صرح يتفوق في تصميمه ومقتنياته على أكبر متاحف العالم، وستنقل الشاشات صور الفراعنة الذين يعودون من جديد ليحكوا قصة شعبٍ لا يموت. أما الإخوان، فسيواصلون نواحهم المعتاد على أطلال مشروعهم المنهار، يراقبون مصر من بعيد وهي تُشيّد مجدًا جديدًا وتُغلق صفحة الإرهاب إلى الأبد.
وهكذا، بينما تحتفل مصر بالحضارة والفخر والانتماء، تعيش الجماعة الإرهابية لحظة انكسار تاريخي، إذ لا مكان لها في مشهد يكتبه المصريون بالعزيمة والأمل.
فمن الأهرامات إلى المتحف الكبير، تُعيد مصر تعريف قوتها الناعمة، وتُثبت أن بناء الحضارة هو الردّ الأبلغ على دعاة الفوضى والخراب.


















0 تعليق