لم تكن شادية في بداياتها تتوقع أن يأتي يوم تحمل فيه يد ساعي البريد رسالة باسمها هي، لا باسم والدها كما اعتادت، كانت آنذاك في بدايات شهرتها، صوتها بدأ يملأ البيوت دفئًا، وملامحها المرحة صارت مألوفة على شاشة السينما، انتقلت أسرتها مؤخرًا من شارع طوسون في شبرا إلى حي عابدين، وهناك بدأت رسائل المعجبين تتوافد تباعًا، كلمات إعجاب ودهشة من جمهور اكتشف فتاة صغيرة تشع طاقة وسحرًا على الشاشة.
أول معجب يراسل شادية
كشفت شادية في مذكراتها بقلم إيريس نظمي التي يرصدها موقع تحيا مصر أنه في صباح هادئ، دق ساعي البريد باب البيت، يحمل في يده مظروفًا أبيض كُتب عليه بخط واضح: "الآنسة شادية"، نظرت إليه بدهشة، وامتلأ البيت بالحركة، التف إخوتها حولها بفضول مشاغب، وبدأت الأسئلة تتطاير في الجو: من أرسل الخطاب؟ وماذا بداخله؟ ضحكت بخجل وقالت: "معرفش، مفيش في حياتي حد"، ثم جلست على الأريكة، فتحت الخطاب بحذر، وبدأت تقرأ.
ما إن نطقت بالسطر الأول حتى دوى البيت بالضحك، لم تستطع هي نفسها أن تمنع ابتسامتها الواسعة، فالخطاب جاء من أحد المعجبين الذي لم يكتف بالإعجاب بصوتها أو بموهبتها، بل قرر أن يتقدم إليها رسميًا، كان كاتب الرسالة "تاجر جلود وأحذية"، عبّر عن حبه لها بلغة بسيطة وصادقة، وختم رسالته بطلب الزواج منها فورًا، مؤكدًا أنه ينتظر ردها بالموافقة ليأتي لخطبتها.
أشقاء شادية يسخرون منها
تحول الموقف إلى لحظة عائلية لا تُنسى، فظل إخوتها يرددون بسخرية محببة: "من أولها جزم يا شادية!"، وكانت هي تضحك معهم حتى الدموع، فبرغم غرابة الطلب، كان المشهد كله دافئًا وبريئًا، ومنذ ذلك اليوم صار خطاب تاجر الأحذية مادة دائمة للمزاح داخل البيت، كلما أراد أحد إخوتها أن يمازحها أعاد الحكاية وكأنه يعيشها من جديد.
ومع مرور الوقت، بدأت الخطابات تتزايد، وكانت شادية تستقبل رسائل من معجبين كثر، بعضهم يكتب عن إعجابه بأدوارها، وآخرون عن صوتها الذي يحمل الفرح. لكن أهلها لم يشعروا بالقلق أبدًا، كانوا يعلمون أن هذه الرسائل ليست سوى محبة صافية من جمهور أحب الفتاة التي تغني “دبلة الخطوبة” بخفة دم لا تُقاوم، وأن شادية ما زالت في عمر البدايات، لم تعرف الحب بعد، ولم يطرق قلبها أحد.
مشاعر شادية
كانت تقول دائمًا بابتسامة هادئة: "قلبي لسه فاضي، ولسه ماقابلتش الإنسان اللي هاحبه"، ومع كل رسالة جديدة كانت تزداد وعيًا بما تعنيه الشهرة، وبالمسافة التي بدأت تفصل بينها وبين البساطة الأولى.
وهكذا، لم يكن خطاب "تاجر الأحذية" مجرد ورقة وصلت بالبريد، بل كان أول لحظة شعرت فيها شادية أنها أصبحت نجمة حقيقية، كان الخطاب بداية حكاية طويلة بينها وبين جمهورها، حكاية بدأت بخط يد بسيط، وانتهت بحب جيل كامل لصوت لن يُنسى.















0 تعليق