حذر محللون ومسؤولون في الأمم المتحدة من احتمال تصاعد القتال في السودان، بعدما سيطرت ميليشيا الدعم السريع على مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، في خطوة اعتُبرت تحولاً ميدانياً مهماً في الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.
وقالت الميليشيا، التي تخوض معارك متمردة منذ أبريل 2023، إنها سيطرت على القاعدة العسكرية في المدينة، آخر موقع رئيسي للقوات المسلحة في إقليم دارفور غرب البلاد.
سيطرة ميليشيا الدعم السريع تمثل تصعيد خطيراً في الصراع
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، خلال مؤتمر إقليمي في ماليزيا، إن «سيطرة ميليشيا الدعم السريع على الفاشر تمثل تصعيداً خطيراً في الصراع»، مضيفاً أن «مستوى المعاناة الإنسانية في السودان بلغ درجة لا تُحتمل».
وذكرت لجان المقاومة في الفاشر أن القوات الحكومية وحلفاءها أعادوا الانتشار في مواقع دفاعية جديدة، وأن اشتباكات عنيفة ما زالت تدور حول مطار المدينة وفي الجهة الغربية منها.
وأفاد «مختبر الأبحاث الإنسانية» بجامعة ييل الأمريكية بأنه رصد نشاطاً ميدانياً يتوافق مع تقارير عن احتجاز عناصر من الجيش على أيدي مقاتلي الميليشيا قرب المطار.
وقال منسق الإغاثة الطارئة في الأمم المتحدة، توم فليتشر، إن «مئات الآلاف من المدنيين محاصرون داخل المدينة، ويواجهون القصف والجوع وانعدام الخدمات الأساسية»، داعياً إلى «السماح بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع ودون عوائق».
وشهدت الفاشر معارك متقطعة منذ بداية الحرب، واعتُبرت آخر معقل استراتيجي للقوات المسلحة في دارفور. وبسقوطها، أصبحت ميليشيا الدعم السريع تسيطر فعلياً على معظم الإقليم، بما في ذلك مدينة نيالا، حيث أقامت إدارة موازية.
كما تسيطر الميليشيا على مناطق في ولايتي جنوب وغرب كردفان، بينما يحتفظ الجيش بالسيطرة على العاصمة بورتسودان ومناطق شمال وشرق السودان.
وقال الباحث السوداني المقيم في الولايات المتحدة، سعيد سامي، إن «خسارة الفاشر تمثل ضربة معنوية وعسكرية للجيش، وقد تدفعه إلى تكثيف عملياته الجوية في دارفور وكردفان»، مضيفاً أن المدينة «تحمل رمزية تاريخية بوصفها مقر سلطنة الفور القديمة وعاصمة دارفور التقليدية».
ورأى العميد السوداني المتقاعد منتصر نجم الدين أن «المرحلة المقبلة من الحرب قد تشهد انتقال القتال إلى كردفان»، مشيراً إلى أن «سقوط الفاشر سيُسجل كأحد أكثر الأحداث حساسية في مسار الحرب نظراً لموقعها وأهميتها».
وتعود جذور الصراع الحالي إلى الخلاف بين القائد العام للجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان وقائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، بشأن عملية دمج الميليشيا في القوات المسلحة، وهو الخلاف الذي تفجر في أبريل 2023 إلى نزاع شامل.
وأدت الحرب إلى مقتل عشرات الآلاف وتشريد أكثر من 13 مليون شخص. وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من 30 مليون سوداني أي ما يزيد على نصف السكان يواجهون خطر الجوع، خصوصاً في مناطق دارفور المتضررة.


