فليكس بلوخ.. فيزيائي سويسري كشف أسرار النواة وحصد نوبل 1952

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في عالم الفيزياء، هناك أسماء حفرت بصمتها في التاريخ العلمي بعمق، بينهم فليكس بلوخ، العالم السويسري الذي ساهم في كشف أسرار النواة وأسس أحد أهم الاكتشافات في القرن العشرين، وهو الرنين المغناطيسي النووي، الذي غير وجه الطب الحديث والبحث العلمي.

ولد فليكس بلوخ في 23 أكتوبر عام 1905 في مدينة زيورخ السويسرية، ونشأ في بيئة محبة للعلم منذ طفولته، أظهر شغفًا شديدًا بالرياضيات والفيزياء، ما أهله للالتحاق بجامعة زيورخ ثم جامعة لايبزيج في ألمانيا، حيث تتلمذ على يد الفيزيائي الشهير فيرنر هايزنبرج، أحد مؤسسي ميكانيكا الكم، تأثر بلوخ كثيرًا بأفكاره، وكان من أوائل العلماء الذين سعوا لتطبيق مفاهيم الكم على دراسة الظواهر النووية والمغناطيسية.

 

بعد حصوله على الدكتوراه عام 1928، بدأ بلوخ مسيرته البحثية في مجالات متعددة من الفيزياء النظرية، وترك بصمات واضحة في دراسة حركة الإلكترونات في المعادن، وهي الأبحاث التي مهدت الطريق لاحقًا لفهم البنية الإلكترونية للمواد الصلبة، وأسست لعلم "فيزياء الحالة الصلبة".

 

ومع تصاعد الأحداث في أوروبا في ثلاثينيات القرن الماضي، غادر بلوخ ألمانيا إلى الولايات المتحدة، ليواصل عمله الأكاديمي في جامعة ستانفورد، حيث أجرى أهم تجاربه واكتشافاته العلمية.

 

في عام 1946، وبالاشتراك مع العالم الأمريكي إدوارد بورسيل، نجح فليكس بلوخ في تطوير تقنية الرنين المغناطيسي النووي (NMR)، التي تعتمد على قياس الخصائص المغناطيسية لأنوية الذرات، وقد مثل هذا الإنجاز طفرة هائلة في علم الفيزياء، إذ فتح الباب أمام تطبيقات طبية وتشخيصية لاحقة، أبرزها التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) الذي يستخدم اليوم في المستشفيات حول العالم.

 

حصل بلوخ وبورسيل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1952 تقديرًا لهذا الاكتشاف الثوري الذي جمع بين الفيزياء النظرية والتطبيق العملي، ولم يتوقف تأثيره عند حدود المختبر، بل امتد إلى الطب والكيمياء والهندسة الحيوية، إذ أصبح "الرنين المغناطيسي" أداة لا غنى عنها لفهم طبيعة المادة والكائن الحي على حد سواء.

 

كان فليكس بلوخ يتميز بشخصية متواضعة وإنسانية، جمع بين حب البحث والدقة العلمية وروح التعاون، تولى رئاسة قسم الفيزياء في جامعة ستانفورد، وساهم في تدريب أجيال من العلماء الذين واصلوا مسيرة الاكتشاف في مجالات الفيزياء النووية والمغناطيسية.

 

كما شغل في عام 1954 منصب المدير الأول للمركز الأوروبي للأبحاث النووية (CERN)، وهو أحد أهم المراكز العلمية في العالم، حيث ساهم في وضع أسسه الأولى وتنظيم برامجه البحثية، مما يعكس مكانته الدولية وثقة المجتمع العلمي به.

 

رحل فليكس بلوخ في 10 سبتمبر 1983، لكنه ترك إرثًا علميًا خالدًا، فقد كان نموذجًا للعالم الذي يوظف علمه لخدمة الإنسانية، مؤمنًا بأن الفيزياء ليست فقط لفهم الكون، بل لتحسين حياة الإنسان.

 

وفي ذكرى ميلاده، يذكر فليكس بلوخ كأحد رواد الفيزياء الحديثة، الذي حول فهمه للمغناطيسية النووية إلى ثورة طبية وتقنية لا تزال تنقذ ملايين الأرواح حتى اليوم، لقد كان بحق العالم الذي جعل النواة تتحدث بلغة المغناطيس، فاستمع إليها العلم والعالم بإعجاب لا ينتهي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق