فلسطينيون عن مقترح القوة الدولية لإدارة القطاع: نحلم بالأمن ولا يهمنا من يحكم

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

فى ظل الحراك الإقليمى والدولى لإعادة ترتيب المشهد فى قطاع غزة، تباينت مواقف الفلسطينيين من مواطنين وخبراء تجاه المقترح المطروح لتشكيل قوة دولية تتولى إدارة القطاع.

فبينما رحّب البعض بالفكرة باعتبارها خطوة نحو تحقيق الاستقرار والأمان، بغض النظر عن جنسية القوة، أبدى آخرون تحفظهم على بعض الجوانب فى الفكرة، مشددين على ضرورة احترام سيادة الشعب الفلسطينى وتضحياته من أجل الحرية والكرامة، وضرورة إشراكه فى صياغة مستقبل القطاع.

يأتى هذا الجدل فى وقت تدفع فيه مصر وقطر والولايات المتحدة باتجاه تشكيل هذه القوة، تمهيدًا لإحلال السلام وبدء عمليات إعادة الإعمار، وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تتولى إدارة غزة فى المرحلة المقبلة.

تمارا حداد: ينبغى أن يستند وجودها فى القطاع إلى قرار أممى لحماية المدنيين

أكدت الدكتورة تمارا حداد، الباحثة الفلسطينية، أن أى وجود لقوة دولية فى قطاع غزة يجب أن يستند إلى قرار صادر عن الأمم المتحدة يهدف بالأساس إلى حماية المدنيين، مشددة على أن هذه القوة لا يمكن أن تتجاوز الوجود الفلسطينى أو تتخطى السلطة الوطنية الفلسطينية.

وأوضحت حداد أن إدخال قوات حفظ سلام دولية أو عربية إلى غزة يجب أن يجرى ضمن توافق فلسطينى شامل، وبمشاركة السلطة الفلسطينية والقوى المدنية الوطنية، لضمان عدم تحول وجود هذه القوات إلى خطوة نحو تدويل القطاع أو المساس بالسيادة الفلسطينية. 

وقالت إن وجود عنصر فلسطينى فى أى ترتيبات أمنية أو سياسية، الضمان الحقيقى للحفاظ على الحقوق الوطنية والسياسية للشعب الفلسطينى، ومنع أى محاولة لتصفية القضية الفلسطينية أو فرض حلول خارج إطار المشروع الوطنى.

وأضافت أن المرحلة المقبلة تتطلب ربط أى جهود لإعادة إعمار غزة برؤية وطنية فلسطينية تضمن استمرار الوجود الفلسطينى وتعزز صمود السكان. وشددت على أنه «لا إعادة إعمار ممكنة إلا عبر إدارة متوازنة ومعتدلة، تضمن عدم العودة إلى القتال، مع تنسيق الجهود العربية لدعم القطاع فى مرحلة ما بعد الحرب». وحذرت من أن أى قوات دولية تُقام وفق الرؤية الأمريكية ستكون جزءًا من مشاريع اقتصادية أمريكية لا تراعى البُعد الوطنى الفلسطينى، داعية إلى أن تكون هذه المشاريع منسجمة مع تثبيت الوجود الفلسطينى وليس العكس.

عاكف المصرى: القرار يجب أن يكون عربيًا خالصًا

أكد عاكف المصرى، المفوض العام للهيئة العليا لشئون العشائر الفلسطينية فى قطاع غزة، ضرورة أن يحترم العالم الشعب الفلسطينى بحجم تضحياته العظيمة التى يقدمها من أجل حريته وكرامته. 

وشدد «المصرى» على أن أهل غزة يجب أن يعاملوا كأبطال على صمودهم الأسطورى وتشبثهم بالإرادة الفلسطينية فى مواجهة حرب الإبادة، موضحًا أن القرار النهائى بشأن إدارة قطاع غزة فى مرحلة ما بعد الحرب يجب أن يكون قرارًا فلسطينيًا عربيًا خالصًا، وتتم صياغته ضمن إطار توافقى وطنى شامل.

وشدد المفوض العام للعشائر الفلسطينية على أن أى ترتيبات مستقبلية يجب أن تحترم بالكامل السيادة الوطنية الفلسطينية ووحدة الأراضى.

خالد عبدالمجيد: المهام لم تحدد بشكل نهائى

قال خالد عبدالمجيد، المنسق العام للهيئة التنفيذية للحراك الوطنى الفلسطينى، إن الغموض لا يزال يكتنف تشكيل القوة الدولية المقرر نشرها فى قطاع غزة، سواء من حيث مهامها أو الدول المشاركة فيها، مشيرًا إلى أن المشاورات ما زالت جارية بين الأطراف الوسيطة التى رعت اتفاق الضمانات، وهى تركيا وقطر ومصر، وسط اتصالات مكثفة تجريها القاهرة مع واشنطن وجهات أخرى.

وأوضح «عبدالمجيد» أن شكل ومهام القوة الدولية لم يُحدد بشكل نهائى بعد، رغم وجود مساعٍ لإصدار قرار من مجلس الأمن يقرّ بتشكيلها بمشاركة دول عربية وإسلامية ودولية، لتعمل تحت مظلة الأمم المتحدة.

وأضاف أن بعض التسريبات تتحدث عن دور مصرى لقيادة القوة الدولية بعد توقف العمليات العسكرية، غير أن أى هيئة انتقالية لإدارة غزة لم تُشكّل بعد، مبينًا أن إسرائيل تواصل سياسة التصعيد الميدانى وفرض خطوط وهمية لفرض رؤيتها الأمنية فى القطاع.

ماهر صافى: الأمور قد تتعقد حال الصدام مع حماس

رأى الدكتور ماهر صافى، المحلل السياسى الفلسطينى، أن قضية نشر قوة دولية لتأمين قطاع غزة بعد الحرب أو فى التانى للحرب، شائكة وتواجه عقبات جدية فى آلية التنفيذ فى ظل عدم وضوح الرؤية فى قطاع غزة. وتابع: سنشهد كثيرًا من العراقيل مع عدم وجود اتفاق واضح حول من سيتولى الحكم والسيطرة على القطاع بعد الحرب، وربما يكون هناك صدام بين القوة متعددة الجنسيات والمقاومة الفلسطينية أو أفراد من حركة حماس». وأوضح «صافى» أنه فى ظل غموض الرؤية تجاه الحل النهائى تظل سيناريوهات مستقبل القطاع بعد الحرب مجهولة، قائلًا: «أرى أن أى قوة انتقالية ستحكم غزة يمكن أن تكون مهمتها ترتيب البيت الفلسطينى بعد عامين من العدوان على غزة، بهدف تحقيق الاستقرار والأمن فى قطاع غزة».

سامح أبودية: ضرورة مراعاة القوة الحاكمة أولويات المواطنين وإعادة الإعمار

قال سامح أبودية، إعلامى وصحفى، إن المواطنين فى غزة لا يهتمون بمن يحكم القطاع، سواء كانت قوات عربية أو مصرية أو دولية أو حتى قوات حفظ سلام: «ما يعنينا هو أن نعيش بأمان، لأننا خلال العامين الماضيين كنا نعيش فى منطقة أشبه بالغابة، من يملك السلاح يملك كل شىء».

وأشار أبودية إلى أن فرض سلطة أمنية قادرة على منع الفوضى بات أمرًا ضروريًا، خاصة بعد أن ظلت حماس الجهة التى تفرض الأمن على الأرض من خلال أجهزتها الشرطية.

وتابع: «نحن بحاجة إلى تغيير لأن استمرار سيطرة حماس يعنى ببساطة عودة الحرب فى أى وقت، وهذا ما لا نريده».

وأوضح أن المواطنين فى غزة لا يرفضون عناصر حماس كمواطنين، لكنهم يرفضون عودة حكمها الأحادى، مؤكدًا أن مشاركة الحركة ضمن لجنة مجتمعية وطنية أمر ممكن، لكن بشرط ألا يكون ذلك مدخلًا لاستئناف الصراع.

ودعا إلى أن تراعى أى قوة تدخل إلى غزة أولويات المواطنين؛ المتمثلة فى الإيواء والإغاثة وإعادة الإعمار، مؤكدًا أن آلاف الأسر ما زالت تعيش فى الخيام والطرقات دون خدمات أساسية. 

وقال: «نحن نرحب بأى قوة تحفظ أمننا وتساعدنا فى الإعمار وتوفير الخدمات، مثل المياه والكهرباء وشبكات الصرف الصحى والإنترنت».

هانى أبومعيلق: حماس تسيطر بالعنف وتمنع الناس من التعبير عن رفضهم المغامرة

ذكر هانى أبومعيلق، عقيد متقاعد بالسلطة الفلسطينية، أن الحل الأمثل حاليًا لمشكلة غزة نشر قوات عربية أو دولية تعيد هياكل السلطة الوطنية الفلسطينية إلى القطاع، بدعم مصرى وعربى، مشيدًا بدور القاهرة التى رفضت التهجير بشكل قاطع، ووقفت فى وجه المخطط الإسرائيلى.

كما أشاد بالدور المصرى فى وقف الحرب: «كان لمصر دور قوى ومشرف فى وقف شلال الدم، لكن الوضع بعد الحرب مأساوى؛ فالبنية التحتية مدمرة بالكامل، وكذلك الجامعات، والمدارس، والمستشفيات.. الحياة فى غزة أصبحت شبه مستحيلة ما لم تُفتح المعابر وتُدخل المعدات لإعادة الإعمار».

وحذر من أن الاحتلال يسيطر حاليًا على أكثر من ٥٨٪ من مساحة القطاع، بينما تتحكم حماس فى الباقى: «الآن غزة تُقسم عمليًا بين احتلال فى الشرق وحماس فى الغرب، والكارثة أن الاحتلال بدأ يروّج لعودة المدنيين إلى مناطقه، ما يكرس هذا الانقسام».

وأضاف: «حماس تفرض سيطرتها بالعنف والترهيب، وتمنع الناس من التعبير عن رفضهم المغامرة التى أدت إلى تدمير غزة وسقوط أكثر من ١٠٠ ألف شهيد. هم يدركون أن فقدان القبضة الأمنية يعنى نهايتهم».

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق