عشرون سنة تقريبًا فصلت بين انضمام إستونيا إلى الاتحاد الأوروبى، وتولى أحد مواطنيها ثانى أرفع مناصب الاتحاد. استقلت الدولة الصديقة عن الاتحاد السوفيتى فى بداية تسعينيات القرن الماضى، وانضمت لحلف شمال الأطلسى، الناتو، فى مارس ٢٠٠٤، ثم للاتحاد الأوروبى، فى مايو التالى، و... و... وفى يوليو ٢٠٢٤، استقالت رئيسة وزرائها، كايا كالاس، لتتولى، فى أول ديسمبر التالى، منصب الممثل الأعلى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد، نائب رئيس المفوضية الأوروبية.
قبيل مشاركته فى القمة المصرية الأوروبية، استقبل الرئيس عبدالفتاح السيسى، صباح أمس، الأربعاء، كايا كالاس، بمقر إقامته فى العاصمة البلجيكية بروكسل، بحضور الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، وسفيرة الاتحاد الأوروبى فى مصر، ونائب رئيس جهاز الخدمة الخارجية للاتحاد الأوروبى، ومدير عام إدارة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالجهاز. واستهل الرئيس اللقاء بالتعبير عن تقديره للشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى، مؤكدًا أهمية تعزيز التشاور والتنسيق بين الجانبين، خاصة فى المجالات السياسية والأمنية، بما يخدم مصالح منطقة الشرق الأوسط والاتحاد الأوروبى.
زارت كالاس القاهرة، فى ٢٣ مارس الماضى، وعقد معها الدكتور بدر عبدالعاطى، جلسة مشاورات سياسية تناولت العلاقات الثنائية بين مصر والاتحاد الأوروبى وآخر التطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وفى اليوم التالى، ٢٤ مارس، اجتمع معها أعضاء اللجنة الوزارية العربية الإسلامية، المعنية بقطاع غزة، وصدر بيان مشترك، شدد على الرفض القاطع لنقل أو طرد الشعب الفلسطينى من غزة أو الضفة الغربية. ورحب بالخطة المصرية، العربية الإسلامية، لإعادة إعمار قطاع غزة، دون تهجير أهله، كما أكد البيان أهمية دعم مؤتمر التعافى وإعادة إعمار غزة، المقرر عقده فى القاهرة.
مع إشارته إلى التزام مصر بسياسة متزنة وحكيمة تهدف إلى ترسيخ الأمن والاستقرار، بعيدًا عن المصالح الضيقة، استعرض الرئيس، خلال لقاء أمس، الجهود المصرية فى تسوية الأزمات وتحقيق الاستقرار فى عدد من دول المنطقة، مؤكدًا ضرورة احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها ومقدرات شعوبها، ووقف التدخلات الخارجية فيها. ولدى تناوله اتفاق شرم الشيخ الذى أنهى الحرب فى قطاع غزة، أعرب عن تطلع مصر إلى تعزيز التعاون مع الاتحاد الأوروبى لتنفيذ الاتفاق وخطة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، مؤكدًا أهمية تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان دخول المساعدات الإنسانية بشكل منتظم، وبدء عملية إعادة إعمار قطاع غزة، مشيرًا إلى المؤتمر الذى تستضيفه مصر فى نوفمبر المقبل بهذا الشأن.
معربة عن سعادتها بلقاء الرئيس، أشادت كالاس بالدور الحيوى الذى قامت به مصر فى وقف إطلاق النار وتحقيق الاستقرار، ليس فقط فى قطاع غزة، بل أيضًا فى السودان وليبيا، وغيرهما. وأكدت أن خطة الرئيس ترامب تمثل خطوة إيجابية، معربة عن استعداد الاتحاد الأوروبى لدعم جهود إعادة إعمار غزة، والمشاركة فى المؤتمر المرتقب الذى ستقيمه مصر. كما شددت، أيضًا، على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار فى غزة، وتسوية الأزمات فى السودان وليبيا بما يضمن وحدة وسلامة أراضيهما وسيادتهما.
تناول اللقاء أيضًا، أيضًا أو طبعًا، ملف الهجرة غير الشرعية، إذ أوضح الرئيس السيسى أن أوروبا لم تتأثر بشكل كبير بتداعيات الهجرة غير الشرعية، بفضل جهود مصر التى تمنع خروج قوارب الهجرة غير الشرعية منذ سبتمبر ٢٠٢٦، فى وقت تستضيف فيه نحو عشرة ملايين نزحوا إليها من دول تعانى من عدم الاستقرار، مشددًا على أن تحقيق الاستقرار فى تلك الدول هو السبيل الأمثل للحد من هذه الظاهرة. وفى هذا السياق أعربت كالاس عن تقدير الاتحاد الأوروبى الكبير للجهود المصرية الجوهرية فى هذا الشأن، مؤكدة أن موقف الاتحاد يرتكز على دعم الاستقرار والتنمية فى الدول المصدّرة للهجرة.
.. وتبقى الإشارة إلى أن لقاء الرئيس والممثلة العليا للاتحاد الأوروبى للشئون الخارجية والسياسة الأمنية، تناول أيضًا قضايا المياه، والأمن فى البحر الأحمر ومنطقة القرن الإفريقى، وأكد الجانبان ضرورة احترام القانون الدولى والأعراف الدولية، وعدم المساس بسيادة الدول.
0 تعليق