شهدت منطقة الحسين مساء أمس أجواء استثنائية من البهجة والروحانية خلال الاحتفال بالليلة الختامية لمولد الإمام الحسين، حفيد النبي محمد ﷺ، حيث توافد الآلاف من مريدي الطرق الصوفية وأحباب آل البيت من مختلف محافظات مصر، في مشهد بات تقليدًا سنويًا يعكس عمق الارتباط الشعبي بالإمام الحسين ومكانته في قلوب المصريين.
وامتلأت ساحة مسجد الإمام الحسين بالمحبين الذين جاءوا من كل حدب وصوب لإحياء الذكرى المباركة، حاملين مشاعر الشوق والتقدير لـ"سبط النبي الكريم"، وسط أجواء من السكينة والطمأنينة سيطرت على المكان. وتوافدت الحشود منذ الساعات الأولى للمساء، حيث علت الهتافات والأدعية، وارتفعت الأيدي متضرعة بالدعاء، في مشهد روحاني مهيب.
ولعبت الطرق الصوفية دورًا محوريًا في تنظيم الفعاليات، حيث نصبت الخيام وفتحت الساحات في الأماكن المحيطة بالمسجد وفي أروقة منطقة الأزهر، لتتحول المنطقة إلى ملتقى روحي كبير يضم الذكر والإنشاد والتواشيح الدينية.
وشارك عشرات المنشدين والفرق الصوفية في إحياء الليالي، مقدمين فقرات إنشادية امتزجت فيها الأشعار الصوفية بحب آل البيت، وسط تفاعل كبير من الجمهور الذي ردد الأذكار وشارك في حلقات الذكر.
وعلى هامش الاحتفالات، انتشرت مظاهر البهجة في شوارع الحسين، حيث انتعشت حركة الباعة الجائلين الذين عرضوا الحلوى والمسابح والبخور، في حين امتلأت المقاهي والمحال بالزوار، في مشهد كرنفالي يعكس الوجه الشعبي للاحتفال.
ورغم الطابع الديني للمولد، إلا أن المشاركة جاءت من مختلف أطياف المجتمع المصري، مؤكدين أن مولد الإمام الحسين ليس مناسبة مذهبية فقط، بل هو حدث وطني وروحي جامع.
الجدير بالذكر أن الاحتفال بمولد الإمام الحسين يُعد من أبرز المواسم الدينية في مصر، ويُختتم في نهاية شهر صفر من كل عام، وسط تأمين وتنظيم مكثف من الجهات المختصة لضمان سلامة الزوار.
هكذا، تجددت في شوارع الحسين ليالٍ من العشق والذكر، مجسدة حالة فريدة من الارتباط بين المصريين وآل بيت النبي، في موسم يُعرف بين العاشقين باسم "موسم المدد".
في سياق متصل، صرح الشيخ عبد الهادي القصبي، شيخ مشايخ الطرق الصوفية ورئيس المجلس الأعلى للطرق الصوفية، في ختام فعاليات مولد الإمام الحسين، بأن الاحتفال بهذه الذكرى العطرة يُعد تجديدًا للعهد مع آل بيت النبي ﷺ، وترسيخًا لقيم المحبة والتسامح والتقوى في نفوس المصريين.
وتابع "القصبي" قائلاً: "نحن نحتفل اليوم بذكرى عظيمة نحيي من خلالها معاني الإيمان الصادق، وحب آل البيت، وعلى رأسهم الإمام الحسين، الذي ضحى بروحه الطاهرة من أجل نصرة الحق، وحضور هذه الأعداد الغفيرة من المصريين هو أكبر دليل على محبة هذا الشعب لآل البيت، وحرصه على إحياء التراث الروحي الأصيل."


0 تعليق