توافد عدد كبير من محبى ومريدى أل البيت على مقام مسجد سيدنا الحسين، للاحتفال بالليلة الختامية، ومن بينهم عدد من كبار السن لم يمنعهم مرضهم من الحضور واحياء الذكرى السنوية لمولده.
من جانبه، أكد الدكتور أيمن حمدى الأكبرى، شيخ الطريقة الأكبرية الحاتمية، أن الاحتفال بمولد الإمام الحسين يعد فرصة لتجديد العهد مع القيم النبوية الأصيلة من حب ورحمة وتسامح، مشيرًا إلى أن الإمام الحسين كان مدرسة فى الثبات على الحق، والتمسك بالمبادئ مهما كانت التضحيات.
وقال: «ينبغى أن نتذكّر أن منة الله تعالى على هذه الأمة تجلّت فى وجود آل بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلّم، فهم ذخيرة لهذا الدين، ووسيلة للترابط الروحى والأخلاقى بين المسلمين، وأن حبّهم والتمسّك بهم ليس غلوًّا، بل اعتراف بمكانتهم، وتوجيه لقلوب المؤمنين نحو الفضائل التى جسّدوها.
وأضاف: «أما بالنسبة لمولد الإمام الحسين، فهو مظهر من مظاهر التعبد الجماعى التى ركّزت عليها الشريعة فى التشجيع على الذكر والتأكيد على القيم، والصبر على البلاء، والتصدّق على المحتاجين، والحفاظ على الأخوّة بين المسلمين، وما دامت هذه الاحتفالات تُنظّم فى إطار شرعى، وتتجنب الممارسات الغريبة أو الخارجة عن الشرع، فهى فرصة تذكير وتزكية للنفس بفضل الله ونعمه.
وأشار إلى أن التراث الإسلامى، ضمن إرشاد مؤسسة الأزهر الشريف، يرى أن الاعتراف بمكانة آل البيت والاحتفال بذكراهم ومناسباتهم يعتبر نوعًا من الاحترام والتعظيم الذى يحفّز المؤمن على الاقتداء بسيرتهم، والتمسّك بخُلقهم، لا إلى تجاوز ذلك. وتابع: «واجبُنا أن نُحيى ذكرهم بقلوب خاشعة، ونعيد صياغة ما كان يميزهم من إخلاص لله، خدمة للخلق، وإصلاح بين الناس، ولا يجب أن نخالف الشرع الشريف فى أى احتفال خاص بهم.
وشدد الشيخ عبدالخالق الشبراوى، شيخ الطريقة الشبراوية وعضو المجلس الأعلى للصوفية، أن مولد الإمام الحسين ليس مجرد مناسبة دينية، بل هو تجلٍ لحب لا ينقطع لآل البيت، الذين قال فيهم النبى، صلى الله عليه وسلم: أذكركم الله فى أهل بيتهم.
وقال إن الطرق الصوفية تشارك فى هذه الذكرى الجليلة بإقامة الحضرات، وتلاوة الأوراد، وتنظيم مواكب المحبين التى تجوب الشوارع المحيطة بالحسين، وهى تحمل مشاعل النور، وتلهج بالأذكار والصلوات.
وأشار إلى أن الطريقة الشبراوية بدأت، مبكرًا، استعداداتها للاحتفال السنوى بمولد الإمام الحسين، الذى يُعد من أبرز المناسبات الدينية لدى الطرق الصوفية، بمقرها بشارع صلاح سالم، بحضور الآلاف من مريديها وأتباعها، حيث تنظم مجالس ذكر وقراءة قرآن ودروس علمية طوال أيام المولد، فى فضل محبة آل البيت والصالحين.
ويرى الدكتور سيد مندور، نائب الطريقة السمانية، أن الطرق الصوفية فى مصر وسائر العالم الإسلامى ستظل ثابتة على موقفها وطريقتها فى الاحتفاء بآل البيت، لأنها ليس بدعة، بل تعبير عن المحبة، معتبرًا أن ذلك «من صميم الشريعة قبل أن يكون من تقاليد التصوف.
وتابع: «رغم محاولات التشويه المستمرة التى يمارسها بعض المتشددين تجاه موالد آل البيت، والهجوم على مولد السيد أحمد البدوى، فإن مشايخ وأتباع الطرق الصوفية يوجهون رسائل واضحة، ورصينة، وذات طابع فكرى وروحى، إلى من يهاجمون الموالد والاحتفالات الدينية، مفادها أن الفرح بآل البيت والأولياء ليس شركًا بل شُكرًا.
وأضاف: «نحتفل بآل البيت حبًا فيهم، لا عبادةً لهم، ونُعظِّم مَن عظَّمه الله، ونجعل من ذكراهم بابًا للتقرب لا للتقديس، وموالد آل البيت تُذكّر الناس بسير عطرة لأهل بيت النبى، صلى الله عليه وسلم، الذين عاشوا فى طاعة الله وجاهدوا فى سبيل الحق، والاحتفال بهم لا يخرج عن إطار ما فعله النبى نفسه، حين كان يصوم يوم الإثنين (لأنه يوم وُلد فيه)، فالاحتفال بمولد ولى من أولياء الله من هذا الباب تذكير بنعمة روحية، لا صنم يُعبد.
0 تعليق