كشفت مصادر دبلوماسية رفيعة في بروكسل عن إعداد خطة سلام جديدة من 12 بندًا بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا، تهدف إلى وضع حدّ للحرب المستمرة مع روسيا منذ أكثر من ثلاث سنوات.
وتأتي الخطة في وقت تتزايد فيه الدعوات الغربية لإيجاد مخرج سياسي من الصراع الذي أنهك اقتصاد القارة وأثار أزمات طاقة وهجرة غير مسبوقة.
تحركات أوروبية مكثفة
تشير التقارير إلى أن مسؤولين من المفوضية الأوروبية وعدة عواصم كبرى — من بينها باريس وبرلين ووارسو — يعكفون على بلورة مسودة مقترحات يتم التنسيق بشأنها مع مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وتركّز التحركات على خلق “إطار تفاوضي واقعي” يتيح وقف العمليات العسكرية تدريجيًا، مع ضمانات أمنية ملزمة لكل طرف.
وقال دبلوماسي أوروبي مطّلع لوسائل الإعلام إن “الوقت لم يعد في صالح أحد، والبحث عن تسوية سياسية بات ضرورة ملحّة، لا خيارًا”.
بنود الخطة المقترحة
بحسب التسريبات الأولية، فإن الخطة الأوروبية تتضمن اثني عشر بندًا، أبرزها:
وقف شامل لإطلاق النار تحت إشراف دولي
انسحاب تدريجي للقوات الروسية من مناطق محددة.
بدء مفاوضات حول الوضع الإداري لمناطق الشرق الأوكراني.
إنشاء آلية مراقبة أوروبية لضمان تنفيذ الالتزامات.
تبادل شامل للأسرى والمعتقلين.
تعهد أوروبي بتمويل إعادة الإعمار في المدن المدمرة.
ترتيبات أمنية جديدة تضمن عدم توسّع الناتو شرقًا في المدى المنظور.
ويرجح أن تتضمن البنود الأخرى مسائل تتعلق بملف العقوبات، وضمان حرية الملاحة في البحر الأسود، والتعاون في ملف الطاقة والغذاء.
موقف كييف وموسكو
الرئيس الأوكراني زيلينسكي رحّب “من حيث المبدأ” بأي مبادرة تستند إلى احترام وحدة الأراضي الأوكرانية، لكنه شدد على أن الانسحاب الروسي الكامل شرط لا نقاش فيه.
في المقابل، وصف الكرملين الخطة بأنها “مبادرة غير واقعية”، معتبرًا أن الغرب يحاول “فرض شروطه عبر وكلائه”.
ويرى مراقبون أن الموقفين المتناقضين يعكسان عمق الانقسام، لكنهم يؤكدون أن مجرد عودة الحديث عن السلام بعد فترة من التصعيد العسكري يمثل تحولًا مهمًا في المزاج الدولي.
دعم أميركي حذر
ورغم أن الخطة أوروبية الطابع، إلا أن واشنطن تتابعها باهتمام. وأكد مسؤول في البيت الأبيض أن الولايات المتحدة “تدعم أي جهد يحقق سلامًا عادلًا ودائمًا”، لكنه أشار إلى أن “التوقيت والحيثيات ما زالت غير ناضجة”.
ويرى محللون أن الموقف الأميركي يوازن بين الرغبة في إنهاء الحرب وبين الخشية من تقديم تنازلات مجانية لموسكو في مرحلة لا تزال فيها قواتها تسيطر على أراضٍ واسعة.
آفاق الحل
تؤكد مصادر أوروبية أن المقترح سيُعرض رسميًا خلال قمة للاتحاد الأوروبي في ديسمبر المقبل، تمهيدًا لإطلاق مفاوضات أولية مع الأطراف المعنية تحت رعاية الأمم المتحدة.
ويقول خبراء السياسة الدولية إن نجاح الخطة مرهون بمدى استعداد موسكو لقبول صيغة جديدة للأمن الأوروبي، وبقدرة كييف على موازنة الضغوط الداخلية مع تطلعات الشارع الأوكراني الذي أنهكته الحرب الطويلة.
0 تعليق