الطفل الفضولي الذي كره المدرسة
ولد توماس ألفا إديسون في 11 فبراير عام 1847 بمدينة ميلان بولاية أوهايو الأمريكية، كان أصغر إخوته السبعة، وطفلًا فضوليًا بطبعه، يهوى التجريب أكثر من الدراسة النظرية، لم يلبث في المدرسة سوى أسابيع قليلة، إذ طرده المعلمون بسبب "بطء استيعابه"، لكن والدته آمنت بذكائه، وتولت تعليمه بنفسها، لتزرع فيه حب البحث والاكتشاف.

من بائع صحف إلى مخترع طموح
بدأ إديسون حياته العملية في سن مبكرة كبائع صحف على القطارات، وهناك أنشأ مختبرًا صغيرًا في عربة القطار لإجراء تجاربه الكيميائية ومع الوقت، تعلم تشغيل أجهزة التلغراف، ليبدأ أولى خطواته في عالم التقنية والاتصالات، كانت تلك البدايات المتواضعة هي الشرارة التي أطلقت طموحه نحو الاختراع.

الاختراعات الأولى.. تمهيد لثورة علمية
في عام 1869، اخترع إديسون جهاز تسجيل الأصوات الذي مهد لظهور الفونوغراف، ثم طور أجهزة التلغراف لتعمل بكفاءة أعلى، لكنه لم يتوقف عند هذا الحد، فأنشأ في عام 1876 مختبر منلو بارك بولاية نيوجيرسي، وهو أول معمل بحثي صناعي في العالم، حيث وظف فريقًا من المهندسين والمخترعين لمساعدته في تطوير أفكاره وتحويلها إلى واقع ملموس.

المصباح الكهربائي.. لحظة ميلاد النور
ظل حلم الإضاءة الكهربائية يراوده لسنوات، فبعد محاولات فاشلة للعلماء قبله، تمكن إديسون عام 1879 من تطوير مصباح كهربائي عملي يعمل لفترة طويلة دون أن ينطفئ بسرعة، استخدم خيوط كربونية محسنة داخل أنبوب مفرغ من الهواء، فكانت النتيجة اختراعًا غير وجه العالم إلى الأبد.
وفي ليلة 31 ديسمبر 1879، قدم إديسون أول عرض عام للمصباح الكهربائي في منلو بارك، حيث أضاء الشوارع والمنازل أمام حشود من الناس المندهشين، كانت تلك اللحظة بمثابة ميلاد فجر جديد للبشرية، حين خرج النور من بين يديه لينتشر في كل بيت.

إمبراطورية الكهرباء والاختراعات
لم يكن المصباح سوى بداية لمشوار من الإنجازات، إذ أسس إديسون لاحقًا شركة إديسون للإضاءة الكهربائية التي تطورت لتصبح جزءًا من شركة جنرال إلكتريك العملاقة، حصل على أكثر من 1000 براءة اختراع في مجالات متعددة، منها الهاتف، والسينما، والفونوغراف، وتطوير التيار الكهربائي المستمر.
إديسون كان لا يعرف الراحة، فكان يقول: "العبقرية هي واحد بالمئة إلهام وتسعة وتسعون بالمئة جهد وعرق."

الصراع مع تيسلا وحرب التيارات
شهدت مسيرته منافسة شرسة مع العالم نيكولا تيسلا حول نوع التيار الأفضل لنقل الكهرباء: التيار المستمر الذي ابتكره إديسون، أم التيار المتردد الذي ابتكره تيسلا. وعلى الرغم من خسارته تلك الحرب، إلا أن بصمته في تأسيس البنية الكهربائية للعالم الحديث ظلت خالدة.

توفي إديسون في 18 أكتوبر 1931 عن عمر يناهز 84 عامًا، تاركًا وراءه إرثًا من الابتكار غير حياة البشر، لم يكن مجرد مخترع، بل رمزًا للإصرار والخيال العلمي العملي، فبفضله أشرقت المدن بعد ظلام طويل، وأصبح الليل امتدادًا للنهار.
لقد أضاء توماس إديسون العالم، لا بالمصباح فقط، بل بفكر أضاء عقول أجيال كاملة تؤمن أن لا مستحيل أمام من يحلم ويجتهد.
0 تعليق