في مشهد يعكس هشاشة توازن أسواق الطاقة العالمية، استعادت أسعار النفط أنفاسها اليوم الثلاثاء بعد سلسلة خسائر متتالية، لتسجل ارتفاعًا طفيفًا وسط خليط من التوترات الجيوسياسية والهواجس الاقتصادية، وبينما تحاول الأسواق تجاوز تداعيات الهجوم الأوكراني على محطة الغاز الروسية العملاقة في أورينبورغ، عاد الحديث مجددًا عن احتمالات نقص الإمدادات مقابل وفرة المعروض وتراجع الطلب العالمي.
أسعار النفط ترتفع مجددًا
ارتفعت أسعار النفط بشكل طفيف خلال تعاملات اليوم الثلاثاء 21 أكتوبر 2025، في محاولة لتعويض بعض الخسائر التي تكبدتها في الجلسة السابقة، بعدما أثار حادث في محطة أورينبورغ الروسية حالة من الارتباك في الإمدادات القادمة من كازاخستان.
هجوم بطائرة مسيرة يربك الإنتاج في كازاخستان ويشعل قلق الأسواق
وشهد حقل "كاراشاغاناك" الكازاخي انخفاضًا في إنتاجه من مكثفات النفط والغاز بنسبة تتراوح بين 25% و30%، عقب هجوم بطائرة مسيرة استهدف محطة المعالجة الروسية، التي تُعد من أكبر المنشآت العالمية في هذا المجال.
ورغم هذه التطورات التي دفعت الأسعار للصعود، فإن المخاوف من وفرة المعروض وتراجع الطلب العالمي، خصوصًا مع تصاعد التوتر التجاري بين الولايات المتحدة والصين – أكبر مستهلكين للطاقة – كبحت من مكاسب الخام.
وبحلول الساعة 06:05 صباحًا بتوقيت غرينتش، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم ديسمبر بنسبة 0.18% لتصل إلى 61.12 دولارًا للبرميل، بينما سجل خام غرب تكساس الوسيط الأميركي تسليم نوفمبر انخفاضًا طفيفًا بنسبة 0.14% عند 57.60 دولارًا للبرميل.
وكانت الأسعار قد أنهت تعاملات الإثنين الماضي عند أدنى مستوياتها منذ مايو الماضي، متأثرة بمؤشرات تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي واستمرار القلق من تخمة الإمدادات.
كما تحولت الأسواق إلى ما يُعرف بـ"الكونتانغو"، وهو مصطلح يشير إلى انخفاض الأسعار الفورية مقارنة بالعقود المستقبلية، ما يعكس حالة وفرة في المعروض وضعفًا في الطلب على المدى القريب.
ويأتي هذا في ظل توقعات وكالة الطاقة الدولية بزيادة المعروض العالمي من النفط بمقدار 3 ملايين برميل يوميًا خلال 2025، ليصل إلى 106.1 ملايين برميل يوميًا، مع استمرار النمو بمعدل 2.4 مليون برميل إضافي في 2026، مدفوعًا بإنتاج من دول خارج تحالف أوبك+ وعلى رأسها الولايات المتحدة والبرازيل وكندا.
استمرار ضعف الفوارق السعرية الشهرية لخام برنت
وأشار المحللون إلى أن استمرار ضعف الفوارق السعرية الشهرية لخام برنت يعكس ضغط فائض المعروض، مؤكدين أن هذا الوضع سيقيد توقعات المستثمرين ويحد من فرص الانتعاش القوي للأسعار.
في المقابل، توقعت مؤسسة "غولدمان ساكس" أن تنخفض أسعار برنت إلى 52 دولارًا للبرميل خلال الربع الأخير من العام المقبل، في ظل ظهور مؤشرات واضحة على وفرة عالمية متزايدة في المخزونات، وهو ما تؤكده بيانات الأقمار الصناعية وتقارير وكالة الطاقة الدولية.
ورغم الضبابية التي تسيطر على المشهد النفطي، لا تزال الأسواق تترقب بيانات المخزون الأميركي، وسط تقديرات تشير إلى ارتفاعها الأسبوع الماضي، وهو ما قد يضيف مزيدًا من الضغط على الأسعار في المدى القصير.
0 تعليق