فعاليات النسخة الخامسة من «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامين»، تضمنت جلسة رفيعة المستوى عنوانها «ربط القارات وبناء المستقبل من خلال البحر الأحمر: فرص التكامل الاقتصادى العربى الإفريقى»، وفيها استعرض الدكتور بدر عبدالعاطى، وزير الخارجية، الإجراءات التى اتخذتها مصر للتعامل مع تراجع إيرادات قناة السويس، وأعلن عن إطلاق «مبادرة السويس والبحر الأحمر للتنمية الاقتصادية والبحرية»، التى تستهدف تحقيق التنمية المستدامة فى المنطقة.
بدأت فعاليات المنتدى أمس الأول الأحد، وانتهت أمس الإثنين، وفى كلمته خلال الجلسة الافتتاحية أعرب وزير الخارجية عن ثقته البالغة فى استعادة الأمن والاستقرار بمنطقة البحر الأحمر، بعد إيقاف الحرب الغاشمة على قطاع غزة، فى إشارة إلى «اتفاق شرم الشيخ»، الذى دخل حيز التنفيذ فى ١٠ أكتوبر الجارى. كما أكد «عدم وجود مبرر لأى طرف أن يستغل معاناة الشعب الفلسطينى لتبرير أى اعتداءات أو تمرير أجندات شخصية خاصة»، وشدّد على أن مصر هى أكثر دول العالم تضررًا بما يحدث من تصعيد فى منطقة خليج عدن والبحر الأحمر، وحالة عدم الاستقرار فى اليمن، موضحًا أن خسائرنا تجاوزت تسعة مليارات دولار، خلال سنة واحدة، نتيجة انخفاض واردات وعائدات الملاحة بالقناة.
تراهن مصر على عودة إيرادات قناة السويس إلى سابق عهدها بعد هدوء توترات المنطقة. وما قد يطمئن هو أن مؤشرات الملاحة بالقناة تحسنت خلال الربع الثانى من السنة الحالية، مقارنة بالربع الأول، حسب تقرير لـ«المركز الإعلامى بمجلس الوزراء المصرى»، قال إن أعداد السفن العابرة بالقناة زادت بنسبة ٣.١٪، لتصل إلى ٣٠٧٤ مقارنة بـ٢٩٨١ سفينة. وذكر أن الحمولات الصافية لهذه السفن ارتفعت بنسبة ٦٪ لتصل إلى ١٢٢.٥ مليون طن، مقارنة بـ١١٥.٦ مليون طن. إضافة إلى قيام ٦٦١ سفينة بتعديل مسارها للعبور فى القناة بدلًا من طريق رأس الرجاء الصالح، ما رفع الإيرادات بنسبة ٨.٣٪، لتصل إلى ٩٧٥.٨ مليون دولار، خلال الربع الثانى مقارنة بـ٩٠١.٢ مليون دولار خلال الربع الأول.
المهم هو أن الجلسة رفيعة المستوى، التى شارك فيها وزيرا خارجية الصومال والسودان، ومبعوثة الاتحاد الأوروبى للقرن الإفريقى، وممثل للبنك الدولى، شهدت تبادلًا للرؤى إزاء التحديات الأمنية فى القرن الإفريقى واليمن والسودان والصومال، وتأثيراتها على أمن الملاحة والتجارة الدولية، وسبل مواجهة تلك التحديات عبر مقاربة شاملة تتضمن البُعدين الأمنى والتنموى. ومع تأكيده أن تحقيق الاستقرار والازدهار فى هذه المنطقة يتطلب إرادة سياسية وتعاونًا عربيًا إفريقيًا ودعمًا دوليًا فاعلًا، شدّد وزير خارجيتنا على أن حوكمة البحر الأحمر تظل شأنًا أصيلًا وحصريًا للدول المشاطئة له، باعتبارها المعنية بالحفاظ على أمنه واستقراره واستدامة موارده وإدارة شئونه، استنادًا إلى مبدأ الملكية الإقليمية.
فى هذا السياق، استعرض وزير الخارجية الإجراءات التى اتخذتها مصر للتعامل مع تراجع إيرادات قناة السويس، مشيرًا إلى جهود هيئة القناة لتوسيع الخدمات البحرية وتحويل القناة إلى مركز لوجيستى إقليمى، إلى جانب التحركات الدبلوماسية المصرية الرامية إلى الوصول لحل سياسى للأزمة اليمنية، ودعم الاستقرار فى القرن الإفريقى، وإنهاء الحرب فى السودان واستعادة الأمن فى الصومال. ولعلك تتذكر أننا كنا قد أشرنا أمس الأول إلى إشادة رئيس مجلس إدارة مجموعة «إيه بى موللر- ميرسك» الدنماركية، بالخدمات المتطورة التى تقدمها هيئة القناة للسفن العابرة، وبما حققته من تطور نوعى فى بنيتها التحتية وقدراتها التقنية، وسعيها إلى جعل مصر مركزًا إقليميًا رائدًا فى إمداد السفن بالوقود الأخضر.
.. وتبقى الإشارة إلى أن هيئة قناة السويس كانت قد أعلنت عن حوافز وتخفيضات تشجيعية بنسبة ١٥٪ لسفن الحاويات التى تتجاوز حمولتها الصافية ١٣٠ ألف طن، منذ منتصف مايو الماضى حتى ٣١ ديسمبر المقبل. وقد تكون الإشارة مهمة أيضًا إلى أن المبادرة التى طرحها وزير خارجيتنا، جرى تسميتها اختصارًا «STREAM»، وتقوم على أربعة محاور رئيسية: الاقتصاد الأزرق، تطوير البنية التحتية والموانئ، الحفاظ على البيئة، وتعميق التكامل الاقتصادى بين دول منطقة البحر الأحمر.
0 تعليق